يا سادة..إنها الشهوانية وليست الليبرالية
حينما تقرأ لبعض المصادر التي تتحدث عن الليبرالية؛ تستهويك بعض الجُمل الوصفية
التي تُصوِّر الليبرالية بأنها تدعو للديمقراطية والانتخابات الحُرَّة والعادلة،
وحقوق الإنسان وحرِّية الاعتقاد، وهي تتسق مع أخلاق المجتمع وقِيَمِهِ، فتتكيف حسب
ظروف المجتمع، وهي مذهب سياسي واقتصادي...إلى غير ذلك من الوصف المثالي الذي
يَنْشُدُه كل حُر..هكذا تتحدث موسوعة ويكيبيديا عن الليبرالية، لكن الموسوعة ليست
على درجة عالية من التوثيق العلمي (لمن أراد الإثبات أو النفي)، فتعالوا نبحث في
مصدر آخر.
يتحدث "تيودور مايرغرين-1957م" في كتابه (الليبرالية والموقف
الليبرالي) المطبوع في الستينات الميلادية فيقول عن الليبرالية "أنها خير
كلمة تعبِّر عن العقيدة التي تَجمَع الأمريكان بمختلف توجهاتهم العلمانيَّة
والدينية" ، فهي تعني منذ القرن التاسع عشر "موقفاً سياسيَّاُ بل حزباً
سياسيَّاً يطالب بإصلاحات اجتماعية واقتصادية...فالليبرالي الحقيقي مُصلح اجتماعي
ومُدافع عن الطبقة المغبونة، وهو عدو لأصحاب المصالح المكتسبة...ويحترم اختلافات
الناس في عقائدهم...، ومن علامات الليبرالي الحقيقي تصميمه على النضال ضد أصناف
السلب والاستقلال، واحترامه العميق لآراء الناس"... إلى غير ذلك من الوصف
المعتدل الذي يُداعب مشاعر كل صاحب حق مهضوم، وفقير معدوم، ومظلوم مكلوم.
إذا فالليبرالية بحسب
الوصف النظري تدور حول مفردات (الديمقراطية، الحقوق، السياسة، الاقتصاد...)، فأين
دُعاة الليبرالية السعودية من هذا المنهج السياسي والاقتصادي والاجتماعي!،
وعن أيّ ليبرالية يتحدثون، وإلى ماذا يدعون؟
وما هي المفردات التي يحويها القاموس الليبرالي السعودي أو الخليجي ؟
تعالوا نستعرض شيءً مما تجترّه أقلامهم، وننثر شيءً من أخبارهم التي
تتسرَّب بين حينٍ وآخر من نواديهم الليلية والغرف الحمراء!.
هم يعلمون أن البلاد ليس فيها تعددية سياسية، ولا نقابات مجتمع مدني، خلا
نقابة الصحفيين المكفولة الحصانة في مرجعيتها لوزارة الإعلام، ولا تجد لهم حِراكاً
حول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهم غير معنيُّون بخطوط الفقر ولا
أزمة الإسكان، ولا الفساد الإداري والمالي، ولا أيًّ من أنواع الأمن (الوظيفي،
والغذائي، والمائي، والبيئي، والصناعي،...)، فضلاً عن توطين التقنية، وتطوير
الصناعات (الأساسية والتحويلية والحربية...)، فعن ماذا يتحدثون؟! وما هاجس
أقلامهم؟!
يستميت الليبراليون السعوديون في مواجهة تركيبة المجتمع المُحافظ،
ويحاولون تفكيك هذه التركيبة من خلال استخدام (المرأة) كوسيلة لتحقيق غاياتهم
الشهوانية ومحاربة الشريعة الإسلامية، والحقيقة ومن باب الإنصاف أنهم ليسوا بِدعاً
من الناس، بل يقتفون أثر من قبلهم مثل (نوال سعداوي) و (هدى شعراوي) التي خلعت
الحجاب وأحرقته في ميدان الإسماعيلية فتغير اسمه إلى ميدان التحرير؛ ويقتفون أثر
مبتعثي فرنسا أمثال (سعد زغلول، ورفاعة الطهطاوي، وقاسم أمين) الذين عادوا بدعاوى
تحرير المرأة زاعمين أن أكبر أسباب انحطاط الأمة هو (تأخرها في الفنون الجميلة
كالتمثيل والتصوير والموسيقى) على حد قول "قاسم أمين"، فاحترق الحجاب
لكن مصر بقيت دولة عربية متخلفة كحال قريناتها من الدول العربية الإثنتين
والعشرين، بل كانت هي أكثر منعة وكرامة من واقعها اليوم كدمية شطرنج يحركها الغرب
كإحدى الدمى العربية الإثنتين والعشرين، لكن الله غالب على أمره وقد عادت المرأة
المصرية إلى الحجاب الشرعي الكامل بالتدرُّج رغم كيد الفجَّار، وفتوى أذناب
السلطان والاستعمار، التي هوَّنت من شأن الحجاب وأوجدت الذرائع لنزعه عن الطالبات،
إلى درجة أنهم أخرجوا المنقبات من الامتحان وحرمانهن بسبب النقاب.
ومن يكن الغراب له دليلاً ** يمر به على جيف الكلاب.
لذلك؛ ترا الليبراليين السعوديين تبعوا في طروحاتهم مَرابط أسلافهم بل
زادوا، فهم يحومون حول:
1. قيادة المرأة للسيارة.
2. شرعنة الاختلاط.
3. حجاب المرأة عادة وليس تشريع (اقتبسوا
الشبهة من كتاب "تحرير المرأة" لقاسم أمين).
4. سفر المرأة بدون محرم.
5. الاستماتة في محاربة المكانة الاعتبارية
لكل متعلق بالشريعة (الحسبة، طلبة العلم، التحفيظ...).
6. يلوون أعناق النصوص عنوة، ويأولونها بالعقل
لتخدم رؤاهم، إلى درجة تأليف كتاب (جواز صلاة الرجل في بيته) إمعاناً في تفكيك
الروابط الاجتماعية والدينية ليخلوا لهم الطريق.
7. يتلوَّن جلد أحدهم (كالحرباء) فيدافع عن
الدولة ضد القنوات الفضائية الأجنبية ، فإذا انقلب إلى الإعلام المحلِّي؛ استخدم
نفس التهم وأسقطها على التيار الديني.
8. يحرِّفون الأحاديث النبوية لإثارة الناس
على المتدينين حينما ينسبون إليهم القول بأن المرأة (شيطان، وفتنة، ولعنة) بتحريف
معنى الحديث (إن المرأة تقبل في صورة شيطان ...) بما يبدوا من محاسنها المثيرة
للشهوة.
9. يُسقطون صفة (الشهوانية) على من يرفض
الاختلاط، وهم أحق الناس بهذا الوصف.
10. محاولة تفكيك اللُحمة بين العلماء وطلبة
العلم من جهة وبين عامة الناس من جهة أخرى
11. تشبيه المرأة كاملة الحجاب (في منتدياتهم)
بـكيس القمامة الأسود.
12. يُسقطون صفة الكراهية للآخر على المجتمع، لأن
منسوب الدياثة عند بعضهم يرتفع إلى درجة الرضا بانتهاك حرمات المسلمين في فلسطين والعراق
وأفغانسات وغيرها.
13. يصنِّفون المجتمع إلى ثلاثة أصناف:
أ.
الظلاميون، الرجعيون ...ويقصدون بذلك العلماء وطلبة العلم الشرعي.
ب.
التنويريون، الليبراليون...يعنون أنفسهم.
ت.
السُذَّج، البسطاء، الدهماء...ويقصدون بذلك عامَّة أفراد المجتمع.
أما الدولة ومنسوبيها؛ فهم أجبن من الربضاء التي تجفل من صفير الصافر
14. رواياتهم ورواياتهنَّ (وقحة ومقززة تعتمد على
الجنس كعامل أساسي) على حد وصف الكاتبتين الكويتيتين "ثريا البقصمي، و
"ليلى العثمان".
هذا حال من يتحدثون على الملأ وتحت الضوء وبأسمائهم الحقيقية، يدورون حول
المرأة كدوران الرحى أو دوران ثور الحرث، وليت غِلمان الشهوانية الذين انبهروا
بحضارة الغرب جاءوا بتقنية صناعة المحرِّك أو تقنية الذرِّة أو النانو، إنما عادوا
بالدعوة للتبرج والسفور، وكأن سر تخلفنا الصناعي بسبب عفاف المرأة وسترها، لكن
واقع النفاق الذي يدخل في تركيبتهم الفكرية لا يسمح لهم بالحديث عن الإرادة
السياسية والصناعات الحربية التي هي عُدة الدول ومحك تموضعها بين السيادة والذيل،
هم لا يستحضرون أن عالم الانترنت الذي ننعم به الآن كان نتاجاً للمشاريع العسكرية
لوزارة الدفاع الأمريكية (DOD)، وأن الجيوش
البريطانية والأمريكية؛ هي من طوَّرت اكتشاف "ماركوني" للمذياع ثم وظفت
هذا الاختراع لتطوير نظام الاتصالات في خدمة الجيوش الحربية، فشتَّان بين ليبرالية
"تيودور" وبين شهوانية دعاة تحرير المرأة، بل ليتهم صدقوا حتى في دعواهم
إلى مناصرة حقوق المرأة، لكنهم اختزلوا المرأة في الشهوانيات وتجاهلوا حقوق
المستضعفات من الأياما والأرامل والمطلقات وزوجات المساجين، وحق المرأة في الخدمات
الصحيِّة وتهيئة المرافق التعليمية الحديثة بدل المدارس المستأجرة،وحقوق المعلمات
والمتقاعدات، وإجازة حضانة الموظفة، ونظام النقل والمواصلات وغير ذلك مما يعود على
حقوق المرأة بشكل مباشر أو غير مباشر.
هم كما يقول عنهم د.الغذامي (لم يقدموا أي مشروع يستحق الاحترام، هم ليسوا
إلا أدعياء يعانون من مراهقة ثقافية تحفل بالسباب والاستهزاء والسخرية،... هم
يناقضون الليبرالية، وأقسمت وقلت "والله لو رأيت ليبرالياً سعوديا حقيقيا
لجهرت باسمه في كل مكان").
ومؤخراً تداول الناس مقطع (إمرأة المدينة) التي كانت تبسط بضاعتها وتبيع، فقام
أحد رجال الأمن (بتصرف فردي أرعن) ومد يده عليها...ولم ينبس أحد من (الشهوانية)
ببنت شفة، فكيف لو أن رجال (الهيئة) محل رجال الشرطة؟!!
ولن أُكرر ما ذكرته
السيدة "وداد خالد" (التي أقسمت على صحة توبتها، وأقسمت على صدق
شهادتها) فقالت أنها عرفت من الليبرالية (العهر والخمر والكفر والإلحاد... ومكافأة
الفتاة الليبرالية بمساحة عمود صحفي..وتواطؤهم على إسقاط أحد الرموز الدينية من
خلال الصحف التي يسيطرون عليها...ويستغلون الليبراليات في حفلات الخمر والعهر
والليالي الحمراء، مع وجود زوجات بعضه "دياثة") فإن صدقت ونسأل الله أن
تكون كذلك، فقد جاءت بالتشخيص التي يصدِّق تلك الأعراض المرضَّية، وإن كانت كمن
وصفهم الله بقوله: (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا
وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون)، فالويل والثبور لمن أقسم وكرر القسم ثم
حنث ليلبِّس على الناس دينهم.
واختصر مقالي مستغفرا الله عن الخطأ والنسيان ومختصراً قولي بعبارة أقول
فيها:
يا سادة إنها ليست ليبرالية.. إنها الشهوانية ولا مزيد.