الأحد، 22 أبريل 2012

الليبرالية..بين التنظير والواقع الشهواني الممقوت




يا سادة..إنها الشهوانية وليست الليبرالية


حينما تقرأ لبعض المصادر التي تتحدث عن الليبرالية؛ تستهويك بعض الجُمل الوصفية التي تُصوِّر الليبرالية بأنها تدعو للديمقراطية والانتخابات الحُرَّة والعادلة، وحقوق الإنسان وحرِّية الاعتقاد، وهي تتسق مع أخلاق المجتمع وقِيَمِهِ، فتتكيف حسب ظروف المجتمع، وهي مذهب سياسي واقتصادي...إلى غير ذلك من الوصف المثالي الذي يَنْشُدُه كل حُر..هكذا تتحدث موسوعة ويكيبيديا عن الليبرالية، لكن الموسوعة ليست على درجة عالية من التوثيق العلمي (لمن أراد الإثبات أو النفي)، فتعالوا نبحث في مصدر آخر.

يتحدث "تيودور مايرغرين-1957م" في كتابه (الليبرالية والموقف الليبرالي) المطبوع في الستينات الميلادية فيقول عن الليبرالية "أنها خير كلمة تعبِّر عن العقيدة التي تَجمَع الأمريكان بمختلف توجهاتهم العلمانيَّة والدينية" ، فهي تعني منذ القرن التاسع عشر "موقفاً سياسيَّاُ بل حزباً سياسيَّاً يطالب بإصلاحات اجتماعية واقتصادية...فالليبرالي الحقيقي مُصلح اجتماعي ومُدافع عن الطبقة المغبونة، وهو عدو لأصحاب المصالح المكتسبة...ويحترم اختلافات الناس في عقائدهم...، ومن علامات الليبرالي الحقيقي تصميمه على النضال ضد أصناف السلب والاستقلال، واحترامه العميق لآراء الناس"... إلى غير ذلك من الوصف المعتدل الذي يُداعب مشاعر كل صاحب حق مهضوم، وفقير معدوم، ومظلوم مكلوم.

          إذا فالليبرالية بحسب الوصف النظري تدور حول مفردات (الديمقراطية، الحقوق، السياسة، الاقتصاد...)، فأين دُعاة الليبرالية السعودية من هذا المنهج السياسي والاقتصادي والاجتماعي!،

وعن أيّ ليبرالية يتحدثون، وإلى ماذا يدعون؟

وما هي المفردات التي يحويها القاموس الليبرالي السعودي أو الخليجي ؟

تعالوا نستعرض شيءً مما تجترّه أقلامهم، وننثر شيءً من أخبارهم التي تتسرَّب بين حينٍ وآخر من نواديهم الليلية والغرف الحمراء!.

هم يعلمون أن البلاد ليس فيها تعددية سياسية، ولا نقابات مجتمع مدني، خلا نقابة الصحفيين المكفولة الحصانة في مرجعيتها لوزارة الإعلام، ولا تجد لهم حِراكاً حول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهم غير معنيُّون بخطوط الفقر ولا أزمة الإسكان، ولا الفساد الإداري والمالي، ولا أيًّ من أنواع الأمن (الوظيفي، والغذائي، والمائي، والبيئي، والصناعي،...)، فضلاً عن توطين التقنية، وتطوير الصناعات (الأساسية والتحويلية والحربية...)، فعن ماذا يتحدثون؟! وما هاجس أقلامهم؟!

يستميت الليبراليون السعوديون في مواجهة تركيبة المجتمع المُحافظ، ويحاولون تفكيك هذه التركيبة من خلال استخدام (المرأة) كوسيلة لتحقيق غاياتهم الشهوانية ومحاربة الشريعة الإسلامية، والحقيقة ومن باب الإنصاف أنهم ليسوا بِدعاً من الناس، بل يقتفون أثر من قبلهم مثل (نوال سعداوي) و (هدى شعراوي) التي خلعت الحجاب وأحرقته في ميدان الإسماعيلية فتغير اسمه إلى ميدان التحرير؛ ويقتفون أثر مبتعثي فرنسا أمثال (سعد زغلول، ورفاعة الطهطاوي، وقاسم أمين) الذين عادوا بدعاوى تحرير المرأة زاعمين أن أكبر أسباب انحطاط الأمة هو (تأخرها في الفنون الجميلة كالتمثيل والتصوير والموسيقى) على حد قول "قاسم أمين"، فاحترق الحجاب لكن مصر بقيت دولة عربية متخلفة كحال قريناتها من الدول العربية الإثنتين والعشرين، بل كانت هي أكثر منعة وكرامة من واقعها اليوم كدمية شطرنج يحركها الغرب كإحدى الدمى العربية الإثنتين والعشرين، لكن الله غالب على أمره وقد عادت المرأة المصرية إلى الحجاب الشرعي الكامل بالتدرُّج رغم كيد الفجَّار، وفتوى أذناب السلطان والاستعمار، التي هوَّنت من شأن الحجاب وأوجدت الذرائع لنزعه عن الطالبات، إلى درجة أنهم أخرجوا المنقبات من الامتحان وحرمانهن بسبب النقاب.

ومن يكن الغراب له دليلاً ** يمر به على جيف الكلاب.

لذلك؛ ترا الليبراليين السعوديين تبعوا في طروحاتهم مَرابط أسلافهم بل زادوا، فهم يحومون حول:

1.     قيادة المرأة للسيارة.

2.     شرعنة الاختلاط.

3.     حجاب المرأة عادة وليس تشريع (اقتبسوا الشبهة من كتاب "تحرير المرأة" لقاسم أمين).

4.     سفر المرأة بدون محرم.

5.     الاستماتة في محاربة المكانة الاعتبارية لكل متعلق بالشريعة (الحسبة، طلبة العلم، التحفيظ...).

6.     يلوون أعناق النصوص عنوة، ويأولونها بالعقل لتخدم رؤاهم، إلى درجة تأليف كتاب (جواز صلاة الرجل في بيته) إمعاناً في تفكيك الروابط الاجتماعية والدينية ليخلوا لهم الطريق.

7.     يتلوَّن جلد أحدهم (كالحرباء) فيدافع عن الدولة ضد القنوات الفضائية الأجنبية ، فإذا انقلب إلى الإعلام المحلِّي؛ استخدم نفس التهم وأسقطها على التيار الديني.

8.     يحرِّفون الأحاديث النبوية لإثارة الناس على المتدينين حينما ينسبون إليهم القول بأن المرأة (شيطان، وفتنة، ولعنة) بتحريف معنى الحديث (إن المرأة تقبل في صورة شيطان ...) بما يبدوا من محاسنها المثيرة للشهوة.

9.     يُسقطون صفة (الشهوانية) على من يرفض الاختلاط، وهم أحق الناس بهذا الوصف.

10.  محاولة تفكيك اللُحمة بين العلماء وطلبة العلم من جهة وبين عامة الناس من جهة أخرى

11.  تشبيه المرأة كاملة الحجاب (في منتدياتهم) بـكيس القمامة الأسود.

12.   يُسقطون صفة الكراهية للآخر على المجتمع، لأن منسوب الدياثة عند بعضهم يرتفع إلى درجة الرضا بانتهاك حرمات المسلمين في فلسطين والعراق وأفغانسات وغيرها.

13.  يصنِّفون المجتمع إلى ثلاثة أصناف:

أ‌.          الظلاميون، الرجعيون ...ويقصدون بذلك العلماء وطلبة العلم الشرعي.

ب‌.     التنويريون، الليبراليون...يعنون أنفسهم.

ت‌.     السُذَّج، البسطاء، الدهماء...ويقصدون بذلك عامَّة أفراد المجتمع.

أما الدولة ومنسوبيها؛ فهم أجبن من الربضاء التي تجفل من صفير الصافر

14.   رواياتهم ورواياتهنَّ (وقحة ومقززة تعتمد على الجنس كعامل أساسي) على حد وصف الكاتبتين الكويتيتين "ثريا البقصمي، و "ليلى العثمان".

هذا حال من يتحدثون على الملأ وتحت الضوء وبأسمائهم الحقيقية، يدورون حول المرأة كدوران الرحى أو دوران ثور الحرث، وليت غِلمان الشهوانية الذين انبهروا بحضارة الغرب جاءوا بتقنية صناعة المحرِّك أو تقنية الذرِّة أو النانو، إنما عادوا بالدعوة للتبرج والسفور، وكأن سر تخلفنا الصناعي بسبب عفاف المرأة وسترها، لكن واقع النفاق الذي يدخل في تركيبتهم الفكرية لا يسمح لهم بالحديث عن الإرادة السياسية والصناعات الحربية التي هي عُدة الدول ومحك تموضعها بين السيادة والذيل، هم لا يستحضرون أن عالم الانترنت الذي ننعم به الآن كان نتاجاً للمشاريع العسكرية لوزارة الدفاع الأمريكية (DOD)، وأن الجيوش البريطانية والأمريكية؛ هي من طوَّرت اكتشاف "ماركوني" للمذياع ثم وظفت هذا الاختراع لتطوير نظام الاتصالات في خدمة الجيوش الحربية، فشتَّان بين ليبرالية "تيودور" وبين شهوانية دعاة تحرير المرأة، بل ليتهم صدقوا حتى في دعواهم إلى مناصرة حقوق المرأة، لكنهم اختزلوا المرأة في الشهوانيات وتجاهلوا حقوق المستضعفات من الأياما والأرامل والمطلقات وزوجات المساجين، وحق المرأة في الخدمات الصحيِّة وتهيئة المرافق التعليمية الحديثة بدل المدارس المستأجرة،وحقوق المعلمات والمتقاعدات، وإجازة حضانة الموظفة، ونظام النقل والمواصلات وغير ذلك مما يعود على حقوق المرأة بشكل مباشر أو غير مباشر.

هم كما يقول عنهم د.الغذامي (لم يقدموا أي مشروع يستحق الاحترام، هم ليسوا إلا أدعياء يعانون من مراهقة ثقافية تحفل بالسباب والاستهزاء والسخرية،... هم يناقضون الليبرالية، وأقسمت وقلت "والله لو رأيت ليبرالياً سعوديا حقيقيا لجهرت باسمه في كل مكان").

ومؤخراً تداول الناس مقطع (إمرأة المدينة) التي كانت تبسط بضاعتها وتبيع، فقام أحد رجال الأمن (بتصرف فردي أرعن) ومد يده عليها...ولم ينبس أحد من (الشهوانية) ببنت شفة، فكيف لو أن رجال (الهيئة) محل رجال الشرطة؟!!

          ولن أُكرر ما ذكرته السيدة "وداد خالد" (التي أقسمت على صحة توبتها، وأقسمت على صدق شهادتها) فقالت أنها عرفت من الليبرالية (العهر والخمر والكفر والإلحاد... ومكافأة الفتاة الليبرالية بمساحة عمود صحفي..وتواطؤهم على إسقاط أحد الرموز الدينية من خلال الصحف التي يسيطرون عليها...ويستغلون الليبراليات في حفلات الخمر والعهر والليالي الحمراء، مع وجود زوجات بعضه "دياثة") فإن صدقت ونسأل الله أن تكون كذلك، فقد جاءت بالتشخيص التي يصدِّق تلك الأعراض المرضَّية، وإن كانت كمن وصفهم الله بقوله: (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون)، فالويل والثبور لمن أقسم وكرر القسم ثم حنث ليلبِّس على الناس دينهم.

واختصر مقالي مستغفرا الله عن الخطأ والنسيان ومختصراً قولي بعبارة أقول فيها:

يا سادة إنها ليست ليبرالية.. إنها الشهوانية ولا مزيد.


الخميس، 19 أبريل 2012

إقرأ الأحداث بفكرك أنت..ولا تسلِّم عقلك.


سنعرض في السطور التالية إلى شخصيتين معروفتين، أحدهما معروفة شكلاً دون مضمون والأخرى شكلاً ومضمون، ثم نقارن ونستنتج المفارقات عند المتلقِّي في الشارع السعودي .

الشخصية الأولى: هو المناضل الأرجنتيني المولد، الكوبي الشهرة، الماركسي (الشيوعي) الفكر؛الطبيب التخصص، زعيم حرب العصابات الثائر (أرنستو تشي غيفارا)، الذي كان قوميّ التعصب لقارته اللاتينية، لا يعترف بالحدود السياسية، انطلق من الأرجنتين ليطوف حول القارّة اللاتينية مستشعراً انتماءه إلى كل شبر فيها، حتى وصل المكسيك، وهناك التقى ببعض الثوار الكوبيين الذين ينشدون تحرير وطنهم من دَرَنْ الامبريالية الأمريكية الشمالية وعملائها، فتوافق هاجس غيفارا بهاجس كاسترو (كما وافق شنٌّ طبقه) وأصبح غيفارا الرجل الثاني في الثورة بعد كاسترو وتم تحرير كوبا من عملاء أمريكا. لكن أنفاس هذا الثائر لا تعيش إلا بدخان الثورات، لذا انطلق من كوبا ليساند الثورات في بقية دول وطنه اللاتيني الكبير في الكونغو ثم بوليفيا إلى تم القبض عليه من قِبل وكالة الاستخبارات الأمريكية بمساعدة القوات البوليفية وتم إعدامه.

الشخصية الثانية: هو خطَّاب العِزَّة والكرامة والشجاعة... إنه خطَّاب الجنَّة، هو (سامر بن صالح السويلم)، المشهور باسم (خطَّاب)، نسأل الله أن يجعله في الفردوس الأعلى من الجنَّة ويجمعنا به برحمته وكرمه وأن يعفوا عنّا خذلاننا للمستضعفين من المسلمين في كل مكان، ومن المصادفات الغريبة أن خطّاب قد درس الابتدائية في مدرسة (عمر بن الخطَّاب)، كان خطَّاب مسلماً لا يعترف بالحدود السياسية، يعيش هم إخوانه في كل مكان، لذا حمل سلاحه مجاهداً عام 1988م، وبدأ في أفغانستان، ثم طاجكستان، وداغستان إلى أن تم اغتياله مسموماً في الشيشان من قبل أحد عملاء الشيطان، وأعتَذِرُ عن هذا العرض الموجز لسيرة الأسطورة (خطَّاب) لغاية وحدة موضوع المقال الذي نحن بصدده.

انتهينا الآن من التعريف للسيرة الموجزة لهذين العَلَمين، فتعالوا نرصد ثقافة المجتمع، وتعامله مع أعلام التاريخ.

يُبدع شباب العشرينات الذين يترددون على محلات زينة السيارات في تزيين سياراتهم بالملصقات المختلفة والتي تلبي رغباتهم، فالتاجر يؤمن أولاً بالعرض والطلب؛ ليوفِّر للمستهلك رغباته، لذا تجد ملصقات الأندية الرياضية؛ لأن الشباب يحب الرياضة، وملصقات الأدعية والأحاديث؛ فالمجتمع بفطرته متديِّن، كذلك يوجد بعض التقليعات الغير مألوفة ولكل منها سبب معيَّن.

 فما سبب وجود مُلصق "تشي غيفارا" بكثرة على سيارات بعض الشباب الذين ربما لا يعلم بعضهم حتى عن اسم صاحب الصورة؟

ولماذا لم نسمع لصرير الأقلام، وأصوات التربويين والراصدين لنبض المجتمع تعليقات على هذا الفعل؟

وماذا لو أننا لم نعرف (غيفارا) واستخدم الشباب صورة (خطَّاب) بدلاً عنه في ملصقات سياراتهم؟

قد تتفاوت الإجابات عن هذه الأسئلة بتفاوت منطلقاتها، فالتحليل الفلسفي يختلف عن التحليل باعتبار المؤامرة وأن لكل سلوك دوافع وغاية. وقد يقول البعض لا يوجد سبب ولا غاية إنما محض الصدفة!، وهذا قد يصدق في جانب الشاب صاحب الملصق، لكن قد لا يصدُق في جانب من اختار شخصية غيفارا ليتم تصميمها كملصق، وحتى لا أطيل المقال وإن كان في النفس شيء يطول تنفيسه لكنني أختصر بالاستنتاجات والافتراضات التالية على شكل نقاط:

-    ربما يوجد من يحاول أن يُذكي في الشباب السعودي روح الثورة من خلال إثارة فضوله لقراءة سيرة "أرنستو تشي غيفارا".

-    أتصور لو كانت صورة (خطَّاب) بدلا عن (غيفارا) لخرج لنا من يقول أنها حركة (إخونجية، أو سلفية، أو تكفيرية، أو...إلخ) للتغرير بعقول الشباب المراهقين، من خلال تصوير الإرهابي (الشاب المجاهد) كصورة نموذجية.

-    لو كانت الصورة لخطَّاب لظهر لك من يقول أن هذا تقديس للأشخاص وهو محرّم شرعاً، (لكن لا بأس أن تكون الصورة لملك أو لاعب كرة، أو أي شخصية غير اسلامية أو جهادية).

الفائدة من هذا المقال:

أننا نَمُرُّ بوقائع وأحداث قد لا تثير فينا مزيد اهتمام، في ذات الوقت قد تكون مادة خصبة للتحليل والتأويل، وكلاً يستطيع أن يوظفها في صالحه وضد خصمه سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، ويمكن تضخيمها إلى درجة المؤامرة ويمكن تجاوزها كفعل تلقائي ليس وراءه أسباب ولا غاية!

لذا حاول أن تقرأ الأحداث أنت.. بفكرك أنت.. قبل أن تتعرض إلى أدلجة فكرية من خلال وسائل الإعلام الموجَّه.

الأحد، 15 أبريل 2012

التربية والوزير بين الواقع والتنظير (د.محمد الرشيد)

قبل أن يُنعم الله علينا بالتقنية التي ردمت الهوَّة بين طبقات المجتمع إلى حدِّ كبير، كنّا نُشبه مجتمعات العصور الوسطى (المظلمة) في أوروبا وآسيا من حيث التواصل والتعايش(النبلاء والعبيد)، (البرجوازية والبلوريتاريا)، (الأرستقراطية والعامة)، بالرغم من وجود الصُحف والتلفاز والإذاعة، إلا أن عناصر الطبقة الأرستقراطية دائماً ما تظهر متحفظة  اللسان مُحنَّطة الكيان، تحفظ وتردد العبارات العامة التي يشترك فيها جملة أعضاء تلك الطبقة، فلا تكاد تميز العالم من المتعالم، والجدير من الأجير، حتى جاء عصر (تويتر) فأضحينا قريبين بعد صبح التباعد، وأمسينا نسبر ثقافة بعضهم وندرك جهل البعض، ومن كان في منصبه مُفيد ممن كان هدفه أن يستفيد ...إلى آخر عناصر التفاضل الواضحة، وأقرب مثال على ما ذكرته هو وزير سابق للتربية والتعليم قد أمضى على سنام الوزراة عِقد من الزمن، وهو الآن ينظم على صفحات (تويتر) أجمل العبارات وأبلغ الحِكم، إلى درجة تجعلك تتمنّى أن يُكثر الله أمثال هذا الأديب الحصيف؛ ليشغل قيادة وإدارة المرافق التعليمية التي أجمع المجتمع بجميع طبقاته على تواضع مخرجاته التربوية والتعليمية، ومع التغريدات المسبوكة التي يعصف بها قلم معاليه وعطفاً على ثقافة (بعض القيادات التربوية في الوزارة) فإنك لا تجد مناص عن تمنِّي عودة أمثاله للتربية والتعليم.. ولكن!
ولكن مهلاً .. هل سرق سحر البيان منّي الذاكرة ؟!
لقد أمضى د. محمد الرشيد في وزراة التربية والتعليم عِقد من الزمن كان كافياً للتنظير، والتخطيط، والتنفيذ، والإشراف، والتقييم، والتقويم...إلى غير ذلك من خطوات العمل الإداري القريب والمتوسط والبعيد المدى! ومن يقرأ لمعاليه مقالاً يُدرك أنه منظِّر متخصص في الأدب، لكن الذاكرة لا تسعفني لأتذكر شيء من إنجازات معالي الوزير الأديب!
هل كان لمعاليه إنجازات ملحوظة على مستوى التعليم العام تربوياً وعلمياً؟
أم أن إنجازاته لم تتجاوز التطويرالإداري داخل أروقة الوزارة؟
أنا على يقين باستحالة مرور مثل معاليه على الوزراة دون أن يترك أثراً إيجابي!
لكنني لا أذكر من انجازاته إلا (مثلبة) إدخال مادة الوطنية التي من مواضيعها (العرضة السعودية)!، وتصريحه الشهير بمحاربة الترديد الببغائي!
فلا أرضً قطع، ولا ظهراً أبقى
هل تذكرون شيء من إنجازات معالي الوزير الأديب؟!
نبئوني بعلم إن كنتم صادقين.

لماذا ننشئ المدونات ؟

كثيرة هي الخواطر التي تمرَّ في عقل الإنسان، وفيها المفيد الذي يستحق التدوين والحفظ
وفي ذلك يقول الشاعر:
العــلم صيــدٌ والكتابـة قيـــده -- قيِّد صيودك بالحبال الواثقة.
فمن الحماقة أن تصيد غزالة --  وتتركها بين البريَّة طالقة.

والمتتبع لأحوال العباقرة والأفذاذ يجد أن حرصهم على توثيق الخاطرة والمعلومة يصل إلى درجة القيام من الفراش وإشعال السراج ثم تدوين الخاطرة ثم إطفاء السراج والعودة للنوم، بل يتكرر ذلك من أحدهم إلى عشرين مرَّة كما أُثر عن البخاري إمام الحديث وعن ابن حنبل إمام السنَّة في عصره,
والشاعر يقول:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم --  إن التشبَّه بالكرام فلاحُ.

والخاطرة مصدرها العقل، والعقل مكوَّن من خلايا إما نشطة أو خاملة، وغالب الخلايا الخاملة تنشط بالعصف الذهنـي (BrainStorm) الذي يولّد الأفكار المجنونة أحياناً والخلّاقة أحياناً أخرى، ولإن كان من مقتضيات العصف الذهني في العمل الإداري أن يجتمع الأطراف، فإن برنامج (تويتر) قد هيَّأ البيئة الخصبة لتوالد الخواطر وتنوع آفاقها بتنوع الطرح الذي نقرأه بأقلام مختلفة وعقليات متعددة المشارب, الأمر الذي دفعني إلى إنشاء هذه المدوَّنة لتوثيق ما أراهـ مفيد ... وبالله التوفيق