الجمعة، 5 أكتوبر 2012

أنت المشكلة..وليس المدير


قد تمضي السنوات الطوال على الموظف وهو يعاني ويقاسي طريقة مديره الفضَّة، وألفاظه القاسية، ونظراته الحادَّة، حتى الابتسامة التي ربما تكون هي أحسن حالات ذلك المدير؛ لا تعدو أن تكون ابتسامة ساخرة!.

فيرزح ذلك الموظف تحت تبعات ذلك السلوك (الأوتوقراطي) المستبد للمدير؛ ما ينتج عنه ضغوط تنعكس على حالته النفسية وبالتالي تدنِّي معدّل أدائه وجودة مخرجاته وحتى على حياته الاجتماعية.

وقد يزداد الأمر سوءً حين يلحظ هذا الموظف، أن سلوك المدير يزداد حدَّة معه دون غيره، ويَعظُم خطأه في عين مديره، في حين يَصغُر خطأ غيره في عين ذات المدير، فيتهم المدير أنه يكيل بمكيالين، ولا يُنصف مرؤوسيه، ولا يعاملهم بالسويَّة ... إلى غير ذلك من الإسقاطات التي يحاول أن يبرر خلالها موقفه ويُلبس القصور على شخصية المدير.

وهنا نأتي لنقول لذلك الموظف ومن يعاني معاناته .. توقف .. حسبك.. تعال معي نخرج من سلبيَّة الإسقاطات التي تُبرِّئ النفس وتتهم الآخرين، تعال نخرج من زاوية الرؤيا التي قيدتَّ نفسك بها، ونخرج إلى زوايا أرحب نستطيع خلالها النظر إلى جميع الاتجاهات لنبحث الأسباب حتى نحقق الحلول الأنسب، ذلك أنك فيما مضى لم تكن تبحث عن الأسباب قدر بحثك عن المبررات لنفسك، كنت تنظر للمدير ولا تنظر إلى نفسك، كنت تتهم المدير ولا تتهم نفسك!.

هل سألت نفسك.. لماذا تزداد حدّة المدير مع البعض دون الآخرين؟

لماذا يَعظُم خطأ البعض عند المدير دون الآخرين؟

لقد مضى وقت طويل على هذا الحال.. لأنك لا تستطيع تغيير المدير ولا تغيير سلوك المدير، لكنك نسيت أنك تستطيع تغيير نفسك وتغيير سلوكك أنت.. نعم أنت.

ألم تسأل نفسك لماذا يتباين تعامل المدير، فيحترم الموظفَ (أ)، ويتهيَّب مواجهة (ب) ويتجاوز عن أخطاء (ج)، لكنه يتحامل على (س) ويوبِّخ (ص) باستمرار على أتفه الأسباب...إلخ؟

الجواب.

لأن اختلاف تعامل المدير غالباً يكون تبعاً لاختلاف شخصيات الموظفين، فلا يُعامِل من نَدُرَ خطأهُ كمن قل خطأه، ولا من كانت شخصيته قويَّة كمن ضَعفت شخصيته، ولا من كان جريئاً وإن كان مخطئاً كمن يتحدث على استحياء وإن كان مصيباً، ولا يُعامل من يعتدّ بذاته كمن دنت نفسه واستمرأت التزلّف...إلى غير تلك الصفات التي مصدرها الأول هو الموظف نفسه؛ فيقع سلوك المدير على الموظف كرد فعل جعلت منه الأيام قناعات عند المدير ثم ترجمها إلى سلوك سلبي في تعامله مع الموظف، خاصة وأن الصورة تزداد رسوخاً مع تكرار المواقف.

لذا .. إبحث عن نفسك وقيّمها، ثم قوِّم سلوكك وعباراتك، وأحرص على اتقان عملك؛ واستعن بمن يعينك على نفسك ويساعدك في تقييمها مثل بعض الزملاء المخلصين والناصحين، واستمع لعباراتهم بتجرّد من الأنا، واتهم نفسك، ثم بعد أن تفرغ من ذاتك .. تستطيع حينها أن تبحث عن سبب آخر، وأظنك لن تحتاج.