السبت، 14 يوليو 2012

الانعتاق من ربقة القنوات الفضائية في رمضان


مع إطلالة رمضان، يتكرر صراع النفس بين طلب الاستزادة من شرف الزمان بالعبادة وبين رغبات النفس وأهوائها التي منها متابعة القنوات الفضائية التي تجتهد لاستقطاب أكبر عدد من المشاهدين، والعجب أن بعض القنوات (أمعنت في الخبث حتى * لا ترى النور يعمُّ)، وعلى رأسها مجموعة MBC التي لا تتورع عن عرض المشاهد الماجنة حتى في رمضان.

لذا يأتي سؤال بعض الحريصين؛ كيف النجاء بعبادتهم والفوز بجائزة الصيام (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)  في ظل وجود هذا الزخم الإعلامي المجيَّش؟

والجواب من وجهة نظر (نفسية) بحسب رؤيتي الشخصية، التي أيدها الكثير من خلال طرح سابق في عام 2008 بعنوان (رمضان وقانون الجذب) وهو موضوع لقي انتشاراً واسعاً في الكثير من المنتديات العربية بحسب (قوقل)، وبما أن ظروف المرحلة الراهنة تُعد أكثر توتراً والهجمة الفاجرة تزداد ضراوة بعد مسلسل (خالد بن الوليد) في العام الماضي، ومسلسل (الفاروق) الذي تريد قناة MBC عرضه هذا العام، لذا سأعيد كتابة الموضوع مختصراً بإذن الله..فلا تتعجَّل النتيجة، فهو يتحدث عن قانون الجذب والكثافة الحسيّة.

أقبل رمضان، وكلنا يتمنى أن يستثمر وقته بأقصى طاقاته ليطمئن قلبه وتصفو روحه، ويُختم له بالعتق من النار، لكن كيف لنا هذا وثمَّة عدو يتربص منذ أشهر لينشر شياطينه في رمضان، ونحن الضحية المستهدفة؟

هذا صائم يصرف من وقته نصف ساعة لصلاة التراويح، ثم يمضي ليله متنقلاً بين المسلسلات والقنوات، ويعيد في المجالس ذكر بعض أحداث المسلسل! وترى من فاتته الحلقة يستدرك ويسأل عن تفاصيل ما فاته!

 والسؤال: أوترى هؤلاء يجدون حضور قلب في قيام الليل وتلاوة القرآن؟

الجواب:

حضور القلب مسألة نسبيَّة؛ تتفاوت بين شخص وآخر، لكنها تعتمد بالدرجة الأولى على اهتمامات الشخص، فإن كان جهازك العصبي وكثافتك الحسيَّة موجهة إلى المسلسلات، فلا تكلف نفسك طلب الخشوع في العبادات على وجه كامل (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه)، خاصة إذا علمنا أن الجهاز العصبي للإنسان عبارة عن ذبذبات تستجيب للمؤثرات الحسية المحيطة مثل استجابة برادة الحديد او المسامير لاتجاه المغناطيس وانجذابها نحوه، فإذا زاد تركيزك في اتجاه معيّن، فإن هذا التركيز يكون على حساب تركيزك في الاتجاهات الأخرى؛ لذلك تكون أحياناً في المسجد وخيالك وتفكيرك في الملعب او المسلسل او العمل او أي مثير آخر ترى أن له أهمية، ولا ينكر عاقل أن التلفزيون هو أكثر المؤثرات الحسية بشكل عام وفي شهر رمضان بشكل خاص، حيث تنثر القنوات مغناطيسها في رمضان لاجتذاب عقول الناس وتركيزهم، (وهذا الانجذاب بالتأكيد على حساب إتجاهات اخرى)، حتى اصبح البعض يشاهد المسلسل أكثر من مرّة في اليوم الواحد، حيث العرض الليلي والإعادة في النهار، أو يتابع أكثر من مسلسل في اليوم الواحد ولا تسلم صلاته من التفكير في أحداث المسلسل، واستشراف ما سيحدث في الحلقة القادمة، لذا تكون النتيجة السلبية العكسية على حساب خشوعه في الصلاة وتلاوة القرآن وقتاً وخشوعاً.

أيها الصائم:إن كنت صادقاً مع ربك ومع نفسك، إن كنت صادقا ترجوا الغفران والعتق من النيران؛ فسخـّر ذبذبات جهازك العصبي ووجهها إلى صلاتك وصيامك ولا تصرف شيء منها الى ما يثيرها ويصرفها، وليكن ذلك من بداية الشهر، لأن هواك سيقودك إلى فخ القنوات ولن تستطيع ان تفلت من الربقة التي وضعت عنقك فيها، (فالوقاية خير من العلاج) والشهر يمضي وربما لا يعود، فاجعل سعادتك في صلاتك وخشوعك وقراءة القرآن، واجعل امتعاضك لفوات فرض او فوات وردك من التلاوة لا لفوات حلقة أو برنامج تلفزيوني.

حينما تكون راضياً عن نفسك؛ فستكون نفسك مطمئنة مسرورة، أمّا إن كنت ناقماً على تقصيرها ،فلن تجد الطمأنينة والسكينة مهما حاولت الهروب من واقعك، فلا تفرّط في عبادة اختصها الله لنفسه (إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به)، فالجائزة عظيمة وتحتاج منك إلى جهد. ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش .

نسأل الله أن يبلغنا شهر رمضان ويكتب لنا القبول والغفران والعتق من النيران