الجمعة، 5 أكتوبر 2012

أنت المشكلة..وليس المدير


قد تمضي السنوات الطوال على الموظف وهو يعاني ويقاسي طريقة مديره الفضَّة، وألفاظه القاسية، ونظراته الحادَّة، حتى الابتسامة التي ربما تكون هي أحسن حالات ذلك المدير؛ لا تعدو أن تكون ابتسامة ساخرة!.

فيرزح ذلك الموظف تحت تبعات ذلك السلوك (الأوتوقراطي) المستبد للمدير؛ ما ينتج عنه ضغوط تنعكس على حالته النفسية وبالتالي تدنِّي معدّل أدائه وجودة مخرجاته وحتى على حياته الاجتماعية.

وقد يزداد الأمر سوءً حين يلحظ هذا الموظف، أن سلوك المدير يزداد حدَّة معه دون غيره، ويَعظُم خطأه في عين مديره، في حين يَصغُر خطأ غيره في عين ذات المدير، فيتهم المدير أنه يكيل بمكيالين، ولا يُنصف مرؤوسيه، ولا يعاملهم بالسويَّة ... إلى غير ذلك من الإسقاطات التي يحاول أن يبرر خلالها موقفه ويُلبس القصور على شخصية المدير.

وهنا نأتي لنقول لذلك الموظف ومن يعاني معاناته .. توقف .. حسبك.. تعال معي نخرج من سلبيَّة الإسقاطات التي تُبرِّئ النفس وتتهم الآخرين، تعال نخرج من زاوية الرؤيا التي قيدتَّ نفسك بها، ونخرج إلى زوايا أرحب نستطيع خلالها النظر إلى جميع الاتجاهات لنبحث الأسباب حتى نحقق الحلول الأنسب، ذلك أنك فيما مضى لم تكن تبحث عن الأسباب قدر بحثك عن المبررات لنفسك، كنت تنظر للمدير ولا تنظر إلى نفسك، كنت تتهم المدير ولا تتهم نفسك!.

هل سألت نفسك.. لماذا تزداد حدّة المدير مع البعض دون الآخرين؟

لماذا يَعظُم خطأ البعض عند المدير دون الآخرين؟

لقد مضى وقت طويل على هذا الحال.. لأنك لا تستطيع تغيير المدير ولا تغيير سلوك المدير، لكنك نسيت أنك تستطيع تغيير نفسك وتغيير سلوكك أنت.. نعم أنت.

ألم تسأل نفسك لماذا يتباين تعامل المدير، فيحترم الموظفَ (أ)، ويتهيَّب مواجهة (ب) ويتجاوز عن أخطاء (ج)، لكنه يتحامل على (س) ويوبِّخ (ص) باستمرار على أتفه الأسباب...إلخ؟

الجواب.

لأن اختلاف تعامل المدير غالباً يكون تبعاً لاختلاف شخصيات الموظفين، فلا يُعامِل من نَدُرَ خطأهُ كمن قل خطأه، ولا من كانت شخصيته قويَّة كمن ضَعفت شخصيته، ولا من كان جريئاً وإن كان مخطئاً كمن يتحدث على استحياء وإن كان مصيباً، ولا يُعامل من يعتدّ بذاته كمن دنت نفسه واستمرأت التزلّف...إلى غير تلك الصفات التي مصدرها الأول هو الموظف نفسه؛ فيقع سلوك المدير على الموظف كرد فعل جعلت منه الأيام قناعات عند المدير ثم ترجمها إلى سلوك سلبي في تعامله مع الموظف، خاصة وأن الصورة تزداد رسوخاً مع تكرار المواقف.

لذا .. إبحث عن نفسك وقيّمها، ثم قوِّم سلوكك وعباراتك، وأحرص على اتقان عملك؛ واستعن بمن يعينك على نفسك ويساعدك في تقييمها مثل بعض الزملاء المخلصين والناصحين، واستمع لعباراتهم بتجرّد من الأنا، واتهم نفسك، ثم بعد أن تفرغ من ذاتك .. تستطيع حينها أن تبحث عن سبب آخر، وأظنك لن تحتاج.

الأحد، 30 سبتمبر 2012

أرخصوها أنتم..ولا تشتكوا الغلاء.


تُعد المقاطعة التزام أدبي وأخلاقي تجاه أفراد المجتمع، وهي أحد مظاهر قوة الإرادة، وكبح جماح النفس ورغباتها وهي إحدى صور التضامن الاجتماعي، ذلك أنها طريقة للامتناع عن الشيء مع القدرة على تحصيله، أو منع الشيء مع القدرة على إنفاذه نكاية بالطرف الآخر.

       وللتاريخ القديم والحديث شواهد كثيرة منها مقولة الفاروق رضي الله عنه (أرخصوها أنتم) حينما ارتفع سعر إحدى المواد الغذائية في عهده، ومنها فعل (ثمامة بن آثال) حينما منع حنطة اليمامة عن كفّار قريش بعد إسلامه؛ حتى ألجأهم للتوسل بالرحم عند النبي صلى الله عليه وسلم. أما شواهد التاريخ الحديث فهي أكثر من أن تُحصى، ولعل أبرزها قيادة "المهاتما غاندي" للمستضعفين (الهنود) ضد الأباطرة البريطانيين المحتلين، والعرب ضد إسرائيل عام (1922)م وعام (1945)م ومقاطعة العرب للغرب في حرب (1973)م، والشواهد كثيرة جداً على صور المقاطعة التي أناخت غطرسة القوي وانتصرت للضعيف.

       وعلى المستوى المحلي، كلنا يذكر بعض التصاريح (لبعض) شركات الألبان التي ألمحت إلى رفع أسعار منتجاتها، فبادرت شريحة كبيرة من المجتمع بمقاطعة تلك الشركة (المراعي) حتى أثنتها عن عزمها السوء، مع أن ذات الشركة (المراعي) تحايلت على المواطن، وقادت حملة رفع أسعار الدواجن حتى بلغ سعر دواجن (اليوم) التابعة لشركة المراعي (15) خمسة عشر ريالا بعد أن كانت لا تتجاوز (11) أحد عشر ريال.

       نحن المواطنون لا حول لنا ولا قوة في ظلام غياب الرقيب وسيطرة مافيا رأس المال، وغياب منظمات المجتمع المدني التي ترفع صوت المواطن المستضعف ضد جشع التجار الذي لا ينتهي.

ولهذا وذاك.. لابد من وجود وسيلة لتجمع شتات رأينا، وتقول للتاجر "حسبك" فقد أوغلت في الفحش ونكران الجميل لوطنك ومواطنيك، وآن لك أيها الجَشِع إما أن تثوب إلى رشدك، وتستحضر واقع الشريحة الكبرى من مستضعفي المجتمع، وإما المقاطعة.

أما الطريقة لإجماع رأينا ووحدة رأينا فهي من خلال متابعة منتدى مقاطعة ومعرّفات المقاطعة في تويتر والتي أذكر منها المعرّف (المستهلك - مقاطعة - أرخصوها أنتم - @cheaper4ksa   )

عزيزي المستهلك ..

إذا كنت ذا رأيٍ.. فكن ذا عزيمةٍ

فمن آفـة أهــل الــرأي أن تترددا

الأحد، 2 سبتمبر 2012

غيبوبة الفِكر داخل سرداب الثقافة


تعد الثقافة مصطلح مُحدث في لغتنا العربية بمفهومها الاصطلاحي المتعارف عليه اليوم، لأن أصل كلمة (ثَقَفَ) تٌشير في اللغة إلى معنيين أحدهما حسِّيّ ماديّ كتسوية السيوف والرماح ومنها الظفر بالشيء، والآخر معنويّ متعلق بالقدرات الذهنية كالفطنة والذكاء ونحوهما، ونحن هنا حينما نقول أن المصطلح مُحدث أي جديد فإننا نعني بذلك أنه غير مألوف ولا معروف بمفهومه الحالي عند العصور المتقدمة التي برعت في اللغة العربية كالعصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام وقرونه الأولى والوسطى، لذا أوجَدَتْ بعض المجامع اللغوية تعريفاً اصطلاحياً للثقافة بأنها (جملة المعارف والعلوم والفنون التي يُطلب الحذق بها)، لكن هذا التعريف لا يشمل سلوك المجتمع الناتج عن سلوك أفراده، وكما هو معلوم في علم النفس أن السلوك هو ترجمة ملحوظة للقناعات، أي أن وراء كل سلوك قناعات معيَّنة تثير الدوافع الداخلية لدى الفرد لينتج عنها هذا السلوك. وهذا هو السبب الذي يترجم التباين في سلوك الأقاليم والمجتمعات عن بعضها البعض، لكن القاسم المشترك هو أن النُخّب المثقَّفة هي القائد والموجِّه للفكر الثقافي، وهذه النتيجة تقودنا إلى طرح التساؤل التالي:

ما هو حال واقع ثقافتنا ومثقفينا هذه الأيام؟

وقبل أن يبادرك الذهن ويستحضر واقع ثقافتنا ويهيم في خواطر لا تنتهي، يجب أن لا نُغفِل الوجه الآخر للصورة، أو الجزء الآخر من الكأس، ففي المجتمع قامات شامخة وهامات رائدة في فضاء الثقافة نفخر ونعتز بها حتى وإن قَصُرَت دونهم سُبُل الإعلام الرسمي، وحنفت وجنفت وألحدت إلى بعض المغمورين والمتثيقفين الذين يمثلون توجُّه فكري يداني ويقارب ويترجم بعض الرؤى التي تريد أن يكون للثقافة السعودية وجه واحد واتجاه محدد بصرف النظر عن الضوابط الشرعية أو العُرفية، وبما أن ميدان الثقافة اليوم فيه الضج والثج وكذلك العج مجازاً، وأمسى الانتساب للمثقفين مثلبة بدل أن كان منقبة، فقد آن الأوان لأن يستفيق المجتمع وينهض روّاد الثقافة الأصيلة الذين تم إقصاؤهم بأي شكل كان، وأن يضعوا مسار ثقافة المجتمع التي تحفظ له موروثه المحمود من صفات وعادات في مسارها الصحيح، وأن يُعيدوا للثقافة مكانتها المرموقة وسموِّها عن التبذُّل والإقصاء والاختزال الذي شهدته الساحة الثقافية في المرحلة القريبة الماضية. ليس هذا فحسب، بل يجب أن يتلَّمس المثقف واقع مجتمعه ويناقش قضاياه ويدرس ويستقصي مظاهر السلوك السلبي، ويقدم الأفكار الإيجابية البنّاءة بتواصله مع منظمات المجتمع الحكومية والمدنية، وتصحيح صورة المثقف بدلا عن الصورة السائدة المختزلة فيمن يعتكف في غرفة ليكتب قصة أو رواية رومنسية أو خيالية ... تحت ظل شمعة، فضلاً عن وصفه بالمفكر الكبير في حين لم ينقل عنه المجتمع فكرة أو رسالة أو رؤيا جديدة.

الأحد، 26 أغسطس 2012

خلط الأغبياء .. بين الخاطئين والأصفياء


الحمد لله القائل (ولا تزر وازرة وزر أخرى) والصلاة والسلام على نبيه القائل: (إنما الحلم بالتحلم والعلم بالتعلم)، سأحاول جهدي (القاصر) الإجابة على التساؤلات التالية:
كيف تحوَّل المُنشد إلى مغنٍّ؟
كيف تحوَّل المتديِّن إلى تغريبي، والتغريبي إلى متديِّن؟
كيف يكون تعارض أو توافق الفروق الفردية مع الفروق الفئوية؟
لم يكن الناس في العصور الحجرية متحجريّ العقول، لا يفقهون ولا يُعملون عقولهم فيما فيه تسخير للمعطيات المتاحة في سبيل تيسير أمور حياتهم، فقد كان الإنسان مُذ خُلق يفكر ويوظف عقله في أشياء كثيرة، منها تفسير الظواهر المحيطة به، ولذا يقول علماء النفس أن أول علم تعلَّمه الإنسان هو علم الفلك، كأبعد ما يكون عن ذات الإنسان ثم تعلم علوم الجغرافيا والجيولوجيا.. إلى أن انتهت به رحلة العلم في اكتشاف علم النفس، وبالتالي فهو أقدر على التفكير في الشيء البعيد ومعرفة كنهه أكثر من التفكير في ذاته ومعرفة نفسه.

هذه المقدمة تفسر لنا واقع الناس اليوم، حينما تجد بعض الأشخاص وقد تصدر مقاماً ليصنّف الناس تصنيفاً أعمى غير مؤسس لا على أصول شرعية ولا قواعد فقهية ولا معارف علمية حديثة معاصرة.. ولن أستغرق في وصف حال تلك الشريحة.. لكنني سأنتقل إلى ماهو أهم، وهو التنبيه إلى ما ينبغي أخذه بالاعتبار عند تقييم الأشخاص وتصنيف الناس.

ينبغي لمن تصدر إطلاق الأحكام على الناس أن يتذكر قصة موسى مع الخضر عليهما السلام في سورة الكهف التي نتعبد الله بتلاوتها كل جمعة، فقد كان موسى عليه السلام مندهشا من تصرفات الخضر التي ظاهرها الإفساد والنكير، حينما لم يدرك أبعاد تلك التصرفات ولا مغزاها، وقد أنكر موسى عليه السلام تلك التصرفات مع علمه أن الخضر عليه السلام أعلم منه، وقد تبع الخضر بعلم الله ليتعلم مما علمه الله رشدا (إقرأ أواخر سورة الكهف).

 فلا تستعجل في إطلاق الأحكام.. فقد يكون للأمور غايات لم يدركها علمك، هذا على مستوى التصيف الفردي، أما التصنيف الفئوي الذي يذهب صاحبه إلى تصنيف الناس إلى متدينين أو ملتحين وحليقين، ويقسِّم الحليقين إلى حليقيّ اللحى دون الشوارب وحليقي اللحى والشوارب، ثم يطلق الأحكام على كل فئة، مابين متكسبين مرتزقة، ومنحرفين تغريبيين، وأهل عادات وتقاليد...إلى آخر جذور تلك الفلسفة المتعمقة في تربة الجهل، نقول لهم، تذكروا قبل كل شيء.. أن الصفات مقسومة بين الناس بنسب متفاوتة، يُفطر البعض على بعضها، ويكتسب البعض بعضها، فهي صفات فطرية ومكتسبة، فقد يكون الشخص كثير الحساسية كثير الشك منذ طفولته أو بخيلا محب للمال أو كريما أو غيرها من الصفات، ولا تنفك عنه هذه الصفة حتى مع كبره، وتمر حياته بأطوار مختلفة من التزام المساجد وحلقات التحفيظ ثم الجامعة وما بعد الجامعة وقد يغترب للدراسة في الخارج، وتبقى الصفة لازمة له، تزيد أعراضها أحياناً وتنخفض مظاهرها أحياناً أخرى، متأثرة بالمجتمع والبيئة التي تعيش فيها، لكن هذا التأثير نسبيّ غير كامل، وربما تتذكر شخصا كان حليقاً ثم تدين وأطلق لحيته تم انتكس وحلق لحيته لكن صفةً ما ظلت لازمة له في جميع مراحل حياته، (الخجل أو الجرأة، الكرم أو البخل، الخوف أو الشجاعة، التلقائية أو حب الظهور...إلخ) وهذا هو سبب تفاوت الناس في تصرفاتهم، فالصفات الفردية سابقة لانتماء الشخص الفئوي.

إلا أن أحد أهم أطوار الحياة التي ينبغي أن تؤثر في سلوك الإنسان على نحو إيجابي، هو دخوله تحت فئة الشريحة (الملتزمة) لأن الدين قويم والمشرِّع جاء ليتمم مكارم الأخلاق، ويفترض فيمن خالج الدين شغاف قلبه أن يستقيم سلوكه بسبب الترغيب والترهيب الذَين يكون معدل وجودهما عند الشخص المتدين أكثر من غيره، إلا أن الإيمان يتفاوت من شخص إلى آخر فيزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والناس ليسوا على قلب رجل واحد؛ ولهذا من الطبيعي أن يتفاوتوا في صفاتهم الفردية.

إذن فالناس يتفاوتون في صفاتهم الفردية قبل أن نصنفهم إلى فئات .. فالصفة لازمة للشخص الموصوف سواء كان غربياً أو شرقياً .. ملتحياً أو حليقاً .. مع تغيِّر نسبيّ على هذه الصفة، وهذا التغير طارئ بسبب ما يمر به الإنسان من ظروف محيطة ودرجة إيمان القلب .. وعلى هذا لا ينبغى تصنيف الناس تصنيفاً فئوياً بناء على سلوكهم، فمصدر السلوك هي صفات شخصية فردية متعلقة بذات الشخص قبل أن ينتمي هذا الشخص إلى أي فئة معينة، فلا عجب من تحوِّل (منشد إلى مغنٍّ) أو (داعية كان يُحرق محلات بيع أشرطة الغناء تحوَّل إلى ليبرالي تغريبي مناهظ إلى كل ماهو إسلامي) فربما لم يجد في الفئة الأولى ما يجعله محط أنظار الناس ووجد ذلك في الثانية، لم يجد ما يشبع حب الظهور في الأولى ووجد ذلك في الثانية أو العكس...

ولعلي في الختام ألفت إلى أن الإنسان بطبعه خطّاء، ولم يجعل الله في الإسلام رهبانية حتى يُنظر للملتحين على أنهم ليسوا كعامة الناس، ولا ينبغى لهم الخطأ والنسيان، فقد رفع الله الحرج عن أمته في الخطأ والنسيان.. ولولا فضل الصحابة رضوان الله عليهم لاستعرضنا بعض أخطاء بعضهم التي حدثت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثرّب عليهم، إنما دلهم على مكفرات الذنوب.. فسبحان الله كيف تعجب ممن يريد من الملتحين أن يصبحوا ملائكة؟!

السبت، 14 يوليو 2012

الانعتاق من ربقة القنوات الفضائية في رمضان


مع إطلالة رمضان، يتكرر صراع النفس بين طلب الاستزادة من شرف الزمان بالعبادة وبين رغبات النفس وأهوائها التي منها متابعة القنوات الفضائية التي تجتهد لاستقطاب أكبر عدد من المشاهدين، والعجب أن بعض القنوات (أمعنت في الخبث حتى * لا ترى النور يعمُّ)، وعلى رأسها مجموعة MBC التي لا تتورع عن عرض المشاهد الماجنة حتى في رمضان.

لذا يأتي سؤال بعض الحريصين؛ كيف النجاء بعبادتهم والفوز بجائزة الصيام (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)  في ظل وجود هذا الزخم الإعلامي المجيَّش؟

والجواب من وجهة نظر (نفسية) بحسب رؤيتي الشخصية، التي أيدها الكثير من خلال طرح سابق في عام 2008 بعنوان (رمضان وقانون الجذب) وهو موضوع لقي انتشاراً واسعاً في الكثير من المنتديات العربية بحسب (قوقل)، وبما أن ظروف المرحلة الراهنة تُعد أكثر توتراً والهجمة الفاجرة تزداد ضراوة بعد مسلسل (خالد بن الوليد) في العام الماضي، ومسلسل (الفاروق) الذي تريد قناة MBC عرضه هذا العام، لذا سأعيد كتابة الموضوع مختصراً بإذن الله..فلا تتعجَّل النتيجة، فهو يتحدث عن قانون الجذب والكثافة الحسيّة.

أقبل رمضان، وكلنا يتمنى أن يستثمر وقته بأقصى طاقاته ليطمئن قلبه وتصفو روحه، ويُختم له بالعتق من النار، لكن كيف لنا هذا وثمَّة عدو يتربص منذ أشهر لينشر شياطينه في رمضان، ونحن الضحية المستهدفة؟

هذا صائم يصرف من وقته نصف ساعة لصلاة التراويح، ثم يمضي ليله متنقلاً بين المسلسلات والقنوات، ويعيد في المجالس ذكر بعض أحداث المسلسل! وترى من فاتته الحلقة يستدرك ويسأل عن تفاصيل ما فاته!

 والسؤال: أوترى هؤلاء يجدون حضور قلب في قيام الليل وتلاوة القرآن؟

الجواب:

حضور القلب مسألة نسبيَّة؛ تتفاوت بين شخص وآخر، لكنها تعتمد بالدرجة الأولى على اهتمامات الشخص، فإن كان جهازك العصبي وكثافتك الحسيَّة موجهة إلى المسلسلات، فلا تكلف نفسك طلب الخشوع في العبادات على وجه كامل (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه)، خاصة إذا علمنا أن الجهاز العصبي للإنسان عبارة عن ذبذبات تستجيب للمؤثرات الحسية المحيطة مثل استجابة برادة الحديد او المسامير لاتجاه المغناطيس وانجذابها نحوه، فإذا زاد تركيزك في اتجاه معيّن، فإن هذا التركيز يكون على حساب تركيزك في الاتجاهات الأخرى؛ لذلك تكون أحياناً في المسجد وخيالك وتفكيرك في الملعب او المسلسل او العمل او أي مثير آخر ترى أن له أهمية، ولا ينكر عاقل أن التلفزيون هو أكثر المؤثرات الحسية بشكل عام وفي شهر رمضان بشكل خاص، حيث تنثر القنوات مغناطيسها في رمضان لاجتذاب عقول الناس وتركيزهم، (وهذا الانجذاب بالتأكيد على حساب إتجاهات اخرى)، حتى اصبح البعض يشاهد المسلسل أكثر من مرّة في اليوم الواحد، حيث العرض الليلي والإعادة في النهار، أو يتابع أكثر من مسلسل في اليوم الواحد ولا تسلم صلاته من التفكير في أحداث المسلسل، واستشراف ما سيحدث في الحلقة القادمة، لذا تكون النتيجة السلبية العكسية على حساب خشوعه في الصلاة وتلاوة القرآن وقتاً وخشوعاً.

أيها الصائم:إن كنت صادقاً مع ربك ومع نفسك، إن كنت صادقا ترجوا الغفران والعتق من النيران؛ فسخـّر ذبذبات جهازك العصبي ووجهها إلى صلاتك وصيامك ولا تصرف شيء منها الى ما يثيرها ويصرفها، وليكن ذلك من بداية الشهر، لأن هواك سيقودك إلى فخ القنوات ولن تستطيع ان تفلت من الربقة التي وضعت عنقك فيها، (فالوقاية خير من العلاج) والشهر يمضي وربما لا يعود، فاجعل سعادتك في صلاتك وخشوعك وقراءة القرآن، واجعل امتعاضك لفوات فرض او فوات وردك من التلاوة لا لفوات حلقة أو برنامج تلفزيوني.

حينما تكون راضياً عن نفسك؛ فستكون نفسك مطمئنة مسرورة، أمّا إن كنت ناقماً على تقصيرها ،فلن تجد الطمأنينة والسكينة مهما حاولت الهروب من واقعك، فلا تفرّط في عبادة اختصها الله لنفسه (إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به)، فالجائزة عظيمة وتحتاج منك إلى جهد. ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش .

نسأل الله أن يبلغنا شهر رمضان ويكتب لنا القبول والغفران والعتق من النيران

الجمعة، 11 مايو 2012

كيف يخرج العَفَن من صلب الكِرام


قَبل عِقدين من الزمان كُنا نعجب لموشحات الشاعر العراقي أحمد مطر جرأة وبديع نظم حينما قال:

بالتمادي..

يصبح اللص رئيساً للنوادي

وبأمريكا رئيساً للعصابات وأوكار الفسادِ

وبأوطاني التي من شرعها قطع الأيادي

يصبح اللص رئيسا للبلادي.

................... ونحن نقول لأحمد مطر، رحم الله لصوص المال، فقد رأينا الإلحاد عين اليقين، بعد أن كنّا نسمع عنه في بطون كتب التاريخ.. ولا حول ولا قوَّة إلا بالله

يا إلــهي..

يا ملاذي واعتمادي.

كيف أضحى البعض فيهم وقحاً حد التمادي.

بدأوا في الطعن في المنقول عن خير العبادي.

صنّفوا فيهِ وقالوا: مثل هذا القول وحشيُّ مُعادي.

إنهم أمِنوا بتعطيل حدود الله فيهم.. ثم زادوا في العنادي.

...

يا تُرى كيف يُعالَجْ كل من بالدين ألحد؟

لا يُعالِج قُبح تلك العصبة الرعناء إلا دين أحمد

يا.. إلهي.. أين من يحمي حما التوحيد يُرعد ثم يُزبد

ثم يضربْ عامداً بالسيف صلتاً .. ليس فيه من تَرَدُّد

...

يا ولي الأمر فينا .. طالنا الضُر فأوقد

جذوة الدين بدت تخبوا .. فمن للدين يوقد

أصبح الصدر كما المِرجَل فالنار توقَّد

أنزل الإحكام فيهم ..إنه شرع محمَّد

...

ولن تقوم قائمة لأحد في بلاد الحرمين إذا كان لا يقوم على تطبيق شرع محمد صلى الله عليه وسلم ويرعى حدوده.

أتساءل كيف يوضع السؤال في غير موضعه..

كيف يتساءل الناس عن خروج الزندقة من صُلب أعمدة التوحيد مثل خروج "الناب العفن" والزنديقة " من صلب الشيخ محمد بن عبدالوهاب، لماذا يستكثر الناس ذلك؟!!

أوليس إبن نوح كافر، وأبوابراهيم كافر، وعم محمد كافر – على أنبياء الله الصلاة والسلام- فليس في ذلك عجب!

أحْسَبُ البعض يقرأ كلمة (كافر) وهو مستنكر لهذا السياق .. –لا عجب – فقد غسل إعلامهم عقولنا حتى استبدلنا المصطلح الشرعي الوارد في كتاب الله، بمصطلح وضعي انبطاعي .. فصرنا نسمي الكافر (بالآخر).

كُثر العَجَبُ في أمِّة محمد صلى الله عليه وسلم، حتى لم يَعُد يعرف الناس علامة التعجب (!) على كثرة تكرار كتابتها.

الخميس، 3 مايو 2012

مُفكروا عصور الظلام..ومهرطقي بني يَعرُب


ما إن يأتي الحديث عن عصور الظلام والانحطاط، إلا وتتجه البوصلة مباشرة إلى أوروبا في عصورها الوسطى (عصور الظلام) بحسب ما يذكره المؤرخون الأوربيون أنفسهم، حيث تواطأت فيها الكنائس مع الملوك، وتشكلت كل مظاهر الفساد المالي والاجتماعي من إقطاع وثراء فاحش للطبقة الأرستقراطية في سابقة لم يشهد لها التاريخ مثيل، والأدهى أن ذلك كان باسم (الرب) – بحسب تعبيرهم- يقابل ذلك فقر مدقع واستعباد للعامة، وبيع صكوك الغفران، وإصدار صكوك الحرمان، وإباحة "التخلية" أي التخلي عن أحكام الدين إذا رأت الكنيسة تحقيق مصلحة ظاهرة بحسب رجال الكهنوت الذين يمثلون لاهوت المسيح (بزعمهم) في الأرض إلى حين عودته، والحكم بزندقة المخترعين وتصفيتهم جسديَّاً، إلى غير ذلك مما تفيض به مدونات المؤرخين عن تلك الحقبة الزمنية المظلمة التي وصل عامة الناس فيها إلى درجة من الاحتقان جعلتهم يتلمسون السُبل للإنعتاق من ربقة الإستعباد، فضلاً عن المفكرين والمخترعين الذين حالت الكنيسة دون خروج أفكارهم للنور.
فكيف كانت ردود أفعال المفكرين والعامة؟
نتج عن هذا الاستبداد والطغيان الكنسي أن خرج من المفكرين من كَفَرَ بالكنيسة وبرب الكنيسة، وذهب يبحث عن إلهـ غير إلهـ الكنيسة؛ فظهر الإلحاد بتأليه الطبيعة وعبادتها، فالطبيعة هادئة وجميلة ولا تبطش ولا تُعذِّب بالسلاسل كما تفعل الكنيسة باسم إلـــهها، والطبيعة ليس لها رجال دين ولا كِتَابٌ مقدّس متناقض، ولا تُحرِّم على الناس التفكير والإبداع والاختراع إلى غير ذلك من مظاهر الحريِّة المفقودة المنشودة، ومن أولئك المفكرين دعاة عبادة الطبيعة (روسو، فولتير، ديدرو، كومت، برنتن...) على اختلاف وتباين في رؤاهم، وسُمِّيت تلك الحقبة التي أعقبت ظلام الكنيسة بعصر "التنوير".
نأخذ مثالاً على أحد الملحدين (فولتير)؟.
كان فولتير "الملحد بنظر الكنيسة" أهدى سبيلا من رجال الكنيسة حينما استهجن فكرة عقيدة التثليث وتجسيم الآلهة وأتهمهم بتحريف الدين ابتداءاً من "بولس" الذي طمس المسيحية وحرّفها، وشنَّع المفكِّر فولتير فكرة "الخطيئة الأولى" واعتبرها إهانة للإله إذ كيف يُعَذّب الأجيال لأن أباهم الأول أكل من الشجرة، ثم انتقد فكرة (الخلاص) بقتل الإله لابنه... وغير ذلك من ضروب النقد الموضوعي الذي جعل الكنيسة تُكفّره وتدعوه بالزنديق، وكان يدعوا للفكر الحُر وهو يستحضر اختراعات (جليلو، ونيوتن،... وغيرهم ) الذين قتلت الكنيسة بعضهم واعتقلت البعض وشرَّدت البعض...الخ
مقارنة بين فولتير ومهرطقيّ بني يعرب.
تَعْجَبُ أن الملحدين الذين خرجوا عن تعاليم الكنيسة كان بعضهم يدعو ضمناً إلى عقيدة التوحيد بإسقاط منطقية "التثليث"، ويحقق قول الله (ولا تزر وازرة وزر أخرى) بتشنيع فكرة "الخطيئة الأولى"، إلى غير ذلك من ردود الأفعال العقلانية المنطقية التي كانت تسمو بالعقل عن الشرك وتقوده إلى التوحيد، ولطالما سمعنا مؤخراً عن بعض ملحديّ الغرب الذين ارتضوا الإسلام ديناً بسبب موافقة الإسلام للعقل – بحسب تعبيرهم – أمثال المفكر الفرنسي"روجيه جارودي"، وعالِم الرياضيان "جيفري لانغ"، وعالم الأجنَّة "كيث مور" ... وغيرهم من العلماء والمفكرين.
وعطفاً على ما سبق؛ نُدرك أن الإلحاد في أوروبا جاء كردَّة فعل لانحراف الكنيسة عن الفطرة وعن العقل بتحريف كُتب موسى وعيسى عليهم السلام... فما بال مُهرطقيّ بني يَعُرب؟
- هل فيهم أو منهم عالم أو مخترع أو مفكِّر ملأت كتبه الآفاق، وتداول العالم أفكاره؟
- هل فيهم طبيب متخصص في دقائق فسيولوجيا أجهزة الأجسام الحيوية؟
- هل فيهم فلكيَّ مكتشف لقانونٍ جديد يسبر حركة الكواكب والمجرات؟
- أم أن إلحاد بني يَعرب أضحى كالموضة وسبيلاً للشهرة وخضوع لأجندة مشبوهة؟!
 أيّاً كان السبب الظاهر، فالسبب الرئيس هو الجهل المركَّب، الذي يجهل الجاهل أنه جاهل، ولو سألت أحدهم عن جملة "قطعيّ الثبوت قطعيّ الدلالة" ما أحسن لها جواب.
خاتمة:
قال أعرابيّ ليس ذو علمٍ ولا اختراعات: (البعرة تدل على البعير ، والأثر يدل على المسير ...
أفسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، وبحار ذات أمواج ، ألا يدل ذلك على اللطيف الخبير؟!).
بلا والله.
آمنت بالله .. مقلِّب القلوب والأبصار، وأسأله أن يثبِّتنا على دينه.

الأحد، 22 أبريل 2012

الليبرالية..بين التنظير والواقع الشهواني الممقوت




يا سادة..إنها الشهوانية وليست الليبرالية


حينما تقرأ لبعض المصادر التي تتحدث عن الليبرالية؛ تستهويك بعض الجُمل الوصفية التي تُصوِّر الليبرالية بأنها تدعو للديمقراطية والانتخابات الحُرَّة والعادلة، وحقوق الإنسان وحرِّية الاعتقاد، وهي تتسق مع أخلاق المجتمع وقِيَمِهِ، فتتكيف حسب ظروف المجتمع، وهي مذهب سياسي واقتصادي...إلى غير ذلك من الوصف المثالي الذي يَنْشُدُه كل حُر..هكذا تتحدث موسوعة ويكيبيديا عن الليبرالية، لكن الموسوعة ليست على درجة عالية من التوثيق العلمي (لمن أراد الإثبات أو النفي)، فتعالوا نبحث في مصدر آخر.

يتحدث "تيودور مايرغرين-1957م" في كتابه (الليبرالية والموقف الليبرالي) المطبوع في الستينات الميلادية فيقول عن الليبرالية "أنها خير كلمة تعبِّر عن العقيدة التي تَجمَع الأمريكان بمختلف توجهاتهم العلمانيَّة والدينية" ، فهي تعني منذ القرن التاسع عشر "موقفاً سياسيَّاُ بل حزباً سياسيَّاً يطالب بإصلاحات اجتماعية واقتصادية...فالليبرالي الحقيقي مُصلح اجتماعي ومُدافع عن الطبقة المغبونة، وهو عدو لأصحاب المصالح المكتسبة...ويحترم اختلافات الناس في عقائدهم...، ومن علامات الليبرالي الحقيقي تصميمه على النضال ضد أصناف السلب والاستقلال، واحترامه العميق لآراء الناس"... إلى غير ذلك من الوصف المعتدل الذي يُداعب مشاعر كل صاحب حق مهضوم، وفقير معدوم، ومظلوم مكلوم.

          إذا فالليبرالية بحسب الوصف النظري تدور حول مفردات (الديمقراطية، الحقوق، السياسة، الاقتصاد...)، فأين دُعاة الليبرالية السعودية من هذا المنهج السياسي والاقتصادي والاجتماعي!،

وعن أيّ ليبرالية يتحدثون، وإلى ماذا يدعون؟

وما هي المفردات التي يحويها القاموس الليبرالي السعودي أو الخليجي ؟

تعالوا نستعرض شيءً مما تجترّه أقلامهم، وننثر شيءً من أخبارهم التي تتسرَّب بين حينٍ وآخر من نواديهم الليلية والغرف الحمراء!.

هم يعلمون أن البلاد ليس فيها تعددية سياسية، ولا نقابات مجتمع مدني، خلا نقابة الصحفيين المكفولة الحصانة في مرجعيتها لوزارة الإعلام، ولا تجد لهم حِراكاً حول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهم غير معنيُّون بخطوط الفقر ولا أزمة الإسكان، ولا الفساد الإداري والمالي، ولا أيًّ من أنواع الأمن (الوظيفي، والغذائي، والمائي، والبيئي، والصناعي،...)، فضلاً عن توطين التقنية، وتطوير الصناعات (الأساسية والتحويلية والحربية...)، فعن ماذا يتحدثون؟! وما هاجس أقلامهم؟!

يستميت الليبراليون السعوديون في مواجهة تركيبة المجتمع المُحافظ، ويحاولون تفكيك هذه التركيبة من خلال استخدام (المرأة) كوسيلة لتحقيق غاياتهم الشهوانية ومحاربة الشريعة الإسلامية، والحقيقة ومن باب الإنصاف أنهم ليسوا بِدعاً من الناس، بل يقتفون أثر من قبلهم مثل (نوال سعداوي) و (هدى شعراوي) التي خلعت الحجاب وأحرقته في ميدان الإسماعيلية فتغير اسمه إلى ميدان التحرير؛ ويقتفون أثر مبتعثي فرنسا أمثال (سعد زغلول، ورفاعة الطهطاوي، وقاسم أمين) الذين عادوا بدعاوى تحرير المرأة زاعمين أن أكبر أسباب انحطاط الأمة هو (تأخرها في الفنون الجميلة كالتمثيل والتصوير والموسيقى) على حد قول "قاسم أمين"، فاحترق الحجاب لكن مصر بقيت دولة عربية متخلفة كحال قريناتها من الدول العربية الإثنتين والعشرين، بل كانت هي أكثر منعة وكرامة من واقعها اليوم كدمية شطرنج يحركها الغرب كإحدى الدمى العربية الإثنتين والعشرين، لكن الله غالب على أمره وقد عادت المرأة المصرية إلى الحجاب الشرعي الكامل بالتدرُّج رغم كيد الفجَّار، وفتوى أذناب السلطان والاستعمار، التي هوَّنت من شأن الحجاب وأوجدت الذرائع لنزعه عن الطالبات، إلى درجة أنهم أخرجوا المنقبات من الامتحان وحرمانهن بسبب النقاب.

ومن يكن الغراب له دليلاً ** يمر به على جيف الكلاب.

لذلك؛ ترا الليبراليين السعوديين تبعوا في طروحاتهم مَرابط أسلافهم بل زادوا، فهم يحومون حول:

1.     قيادة المرأة للسيارة.

2.     شرعنة الاختلاط.

3.     حجاب المرأة عادة وليس تشريع (اقتبسوا الشبهة من كتاب "تحرير المرأة" لقاسم أمين).

4.     سفر المرأة بدون محرم.

5.     الاستماتة في محاربة المكانة الاعتبارية لكل متعلق بالشريعة (الحسبة، طلبة العلم، التحفيظ...).

6.     يلوون أعناق النصوص عنوة، ويأولونها بالعقل لتخدم رؤاهم، إلى درجة تأليف كتاب (جواز صلاة الرجل في بيته) إمعاناً في تفكيك الروابط الاجتماعية والدينية ليخلوا لهم الطريق.

7.     يتلوَّن جلد أحدهم (كالحرباء) فيدافع عن الدولة ضد القنوات الفضائية الأجنبية ، فإذا انقلب إلى الإعلام المحلِّي؛ استخدم نفس التهم وأسقطها على التيار الديني.

8.     يحرِّفون الأحاديث النبوية لإثارة الناس على المتدينين حينما ينسبون إليهم القول بأن المرأة (شيطان، وفتنة، ولعنة) بتحريف معنى الحديث (إن المرأة تقبل في صورة شيطان ...) بما يبدوا من محاسنها المثيرة للشهوة.

9.     يُسقطون صفة (الشهوانية) على من يرفض الاختلاط، وهم أحق الناس بهذا الوصف.

10.  محاولة تفكيك اللُحمة بين العلماء وطلبة العلم من جهة وبين عامة الناس من جهة أخرى

11.  تشبيه المرأة كاملة الحجاب (في منتدياتهم) بـكيس القمامة الأسود.

12.   يُسقطون صفة الكراهية للآخر على المجتمع، لأن منسوب الدياثة عند بعضهم يرتفع إلى درجة الرضا بانتهاك حرمات المسلمين في فلسطين والعراق وأفغانسات وغيرها.

13.  يصنِّفون المجتمع إلى ثلاثة أصناف:

أ‌.          الظلاميون، الرجعيون ...ويقصدون بذلك العلماء وطلبة العلم الشرعي.

ب‌.     التنويريون، الليبراليون...يعنون أنفسهم.

ت‌.     السُذَّج، البسطاء، الدهماء...ويقصدون بذلك عامَّة أفراد المجتمع.

أما الدولة ومنسوبيها؛ فهم أجبن من الربضاء التي تجفل من صفير الصافر

14.   رواياتهم ورواياتهنَّ (وقحة ومقززة تعتمد على الجنس كعامل أساسي) على حد وصف الكاتبتين الكويتيتين "ثريا البقصمي، و "ليلى العثمان".

هذا حال من يتحدثون على الملأ وتحت الضوء وبأسمائهم الحقيقية، يدورون حول المرأة كدوران الرحى أو دوران ثور الحرث، وليت غِلمان الشهوانية الذين انبهروا بحضارة الغرب جاءوا بتقنية صناعة المحرِّك أو تقنية الذرِّة أو النانو، إنما عادوا بالدعوة للتبرج والسفور، وكأن سر تخلفنا الصناعي بسبب عفاف المرأة وسترها، لكن واقع النفاق الذي يدخل في تركيبتهم الفكرية لا يسمح لهم بالحديث عن الإرادة السياسية والصناعات الحربية التي هي عُدة الدول ومحك تموضعها بين السيادة والذيل، هم لا يستحضرون أن عالم الانترنت الذي ننعم به الآن كان نتاجاً للمشاريع العسكرية لوزارة الدفاع الأمريكية (DOD)، وأن الجيوش البريطانية والأمريكية؛ هي من طوَّرت اكتشاف "ماركوني" للمذياع ثم وظفت هذا الاختراع لتطوير نظام الاتصالات في خدمة الجيوش الحربية، فشتَّان بين ليبرالية "تيودور" وبين شهوانية دعاة تحرير المرأة، بل ليتهم صدقوا حتى في دعواهم إلى مناصرة حقوق المرأة، لكنهم اختزلوا المرأة في الشهوانيات وتجاهلوا حقوق المستضعفات من الأياما والأرامل والمطلقات وزوجات المساجين، وحق المرأة في الخدمات الصحيِّة وتهيئة المرافق التعليمية الحديثة بدل المدارس المستأجرة،وحقوق المعلمات والمتقاعدات، وإجازة حضانة الموظفة، ونظام النقل والمواصلات وغير ذلك مما يعود على حقوق المرأة بشكل مباشر أو غير مباشر.

هم كما يقول عنهم د.الغذامي (لم يقدموا أي مشروع يستحق الاحترام، هم ليسوا إلا أدعياء يعانون من مراهقة ثقافية تحفل بالسباب والاستهزاء والسخرية،... هم يناقضون الليبرالية، وأقسمت وقلت "والله لو رأيت ليبرالياً سعوديا حقيقيا لجهرت باسمه في كل مكان").

ومؤخراً تداول الناس مقطع (إمرأة المدينة) التي كانت تبسط بضاعتها وتبيع، فقام أحد رجال الأمن (بتصرف فردي أرعن) ومد يده عليها...ولم ينبس أحد من (الشهوانية) ببنت شفة، فكيف لو أن رجال (الهيئة) محل رجال الشرطة؟!!

          ولن أُكرر ما ذكرته السيدة "وداد خالد" (التي أقسمت على صحة توبتها، وأقسمت على صدق شهادتها) فقالت أنها عرفت من الليبرالية (العهر والخمر والكفر والإلحاد... ومكافأة الفتاة الليبرالية بمساحة عمود صحفي..وتواطؤهم على إسقاط أحد الرموز الدينية من خلال الصحف التي يسيطرون عليها...ويستغلون الليبراليات في حفلات الخمر والعهر والليالي الحمراء، مع وجود زوجات بعضه "دياثة") فإن صدقت ونسأل الله أن تكون كذلك، فقد جاءت بالتشخيص التي يصدِّق تلك الأعراض المرضَّية، وإن كانت كمن وصفهم الله بقوله: (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون)، فالويل والثبور لمن أقسم وكرر القسم ثم حنث ليلبِّس على الناس دينهم.

واختصر مقالي مستغفرا الله عن الخطأ والنسيان ومختصراً قولي بعبارة أقول فيها:

يا سادة إنها ليست ليبرالية.. إنها الشهوانية ولا مزيد.


الخميس، 19 أبريل 2012

إقرأ الأحداث بفكرك أنت..ولا تسلِّم عقلك.


سنعرض في السطور التالية إلى شخصيتين معروفتين، أحدهما معروفة شكلاً دون مضمون والأخرى شكلاً ومضمون، ثم نقارن ونستنتج المفارقات عند المتلقِّي في الشارع السعودي .

الشخصية الأولى: هو المناضل الأرجنتيني المولد، الكوبي الشهرة، الماركسي (الشيوعي) الفكر؛الطبيب التخصص، زعيم حرب العصابات الثائر (أرنستو تشي غيفارا)، الذي كان قوميّ التعصب لقارته اللاتينية، لا يعترف بالحدود السياسية، انطلق من الأرجنتين ليطوف حول القارّة اللاتينية مستشعراً انتماءه إلى كل شبر فيها، حتى وصل المكسيك، وهناك التقى ببعض الثوار الكوبيين الذين ينشدون تحرير وطنهم من دَرَنْ الامبريالية الأمريكية الشمالية وعملائها، فتوافق هاجس غيفارا بهاجس كاسترو (كما وافق شنٌّ طبقه) وأصبح غيفارا الرجل الثاني في الثورة بعد كاسترو وتم تحرير كوبا من عملاء أمريكا. لكن أنفاس هذا الثائر لا تعيش إلا بدخان الثورات، لذا انطلق من كوبا ليساند الثورات في بقية دول وطنه اللاتيني الكبير في الكونغو ثم بوليفيا إلى تم القبض عليه من قِبل وكالة الاستخبارات الأمريكية بمساعدة القوات البوليفية وتم إعدامه.

الشخصية الثانية: هو خطَّاب العِزَّة والكرامة والشجاعة... إنه خطَّاب الجنَّة، هو (سامر بن صالح السويلم)، المشهور باسم (خطَّاب)، نسأل الله أن يجعله في الفردوس الأعلى من الجنَّة ويجمعنا به برحمته وكرمه وأن يعفوا عنّا خذلاننا للمستضعفين من المسلمين في كل مكان، ومن المصادفات الغريبة أن خطّاب قد درس الابتدائية في مدرسة (عمر بن الخطَّاب)، كان خطَّاب مسلماً لا يعترف بالحدود السياسية، يعيش هم إخوانه في كل مكان، لذا حمل سلاحه مجاهداً عام 1988م، وبدأ في أفغانستان، ثم طاجكستان، وداغستان إلى أن تم اغتياله مسموماً في الشيشان من قبل أحد عملاء الشيطان، وأعتَذِرُ عن هذا العرض الموجز لسيرة الأسطورة (خطَّاب) لغاية وحدة موضوع المقال الذي نحن بصدده.

انتهينا الآن من التعريف للسيرة الموجزة لهذين العَلَمين، فتعالوا نرصد ثقافة المجتمع، وتعامله مع أعلام التاريخ.

يُبدع شباب العشرينات الذين يترددون على محلات زينة السيارات في تزيين سياراتهم بالملصقات المختلفة والتي تلبي رغباتهم، فالتاجر يؤمن أولاً بالعرض والطلب؛ ليوفِّر للمستهلك رغباته، لذا تجد ملصقات الأندية الرياضية؛ لأن الشباب يحب الرياضة، وملصقات الأدعية والأحاديث؛ فالمجتمع بفطرته متديِّن، كذلك يوجد بعض التقليعات الغير مألوفة ولكل منها سبب معيَّن.

 فما سبب وجود مُلصق "تشي غيفارا" بكثرة على سيارات بعض الشباب الذين ربما لا يعلم بعضهم حتى عن اسم صاحب الصورة؟

ولماذا لم نسمع لصرير الأقلام، وأصوات التربويين والراصدين لنبض المجتمع تعليقات على هذا الفعل؟

وماذا لو أننا لم نعرف (غيفارا) واستخدم الشباب صورة (خطَّاب) بدلاً عنه في ملصقات سياراتهم؟

قد تتفاوت الإجابات عن هذه الأسئلة بتفاوت منطلقاتها، فالتحليل الفلسفي يختلف عن التحليل باعتبار المؤامرة وأن لكل سلوك دوافع وغاية. وقد يقول البعض لا يوجد سبب ولا غاية إنما محض الصدفة!، وهذا قد يصدق في جانب الشاب صاحب الملصق، لكن قد لا يصدُق في جانب من اختار شخصية غيفارا ليتم تصميمها كملصق، وحتى لا أطيل المقال وإن كان في النفس شيء يطول تنفيسه لكنني أختصر بالاستنتاجات والافتراضات التالية على شكل نقاط:

-    ربما يوجد من يحاول أن يُذكي في الشباب السعودي روح الثورة من خلال إثارة فضوله لقراءة سيرة "أرنستو تشي غيفارا".

-    أتصور لو كانت صورة (خطَّاب) بدلا عن (غيفارا) لخرج لنا من يقول أنها حركة (إخونجية، أو سلفية، أو تكفيرية، أو...إلخ) للتغرير بعقول الشباب المراهقين، من خلال تصوير الإرهابي (الشاب المجاهد) كصورة نموذجية.

-    لو كانت الصورة لخطَّاب لظهر لك من يقول أن هذا تقديس للأشخاص وهو محرّم شرعاً، (لكن لا بأس أن تكون الصورة لملك أو لاعب كرة، أو أي شخصية غير اسلامية أو جهادية).

الفائدة من هذا المقال:

أننا نَمُرُّ بوقائع وأحداث قد لا تثير فينا مزيد اهتمام، في ذات الوقت قد تكون مادة خصبة للتحليل والتأويل، وكلاً يستطيع أن يوظفها في صالحه وضد خصمه سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، ويمكن تضخيمها إلى درجة المؤامرة ويمكن تجاوزها كفعل تلقائي ليس وراءه أسباب ولا غاية!

لذا حاول أن تقرأ الأحداث أنت.. بفكرك أنت.. قبل أن تتعرض إلى أدلجة فكرية من خلال وسائل الإعلام الموجَّه.

الأحد، 15 أبريل 2012

التربية والوزير بين الواقع والتنظير (د.محمد الرشيد)

قبل أن يُنعم الله علينا بالتقنية التي ردمت الهوَّة بين طبقات المجتمع إلى حدِّ كبير، كنّا نُشبه مجتمعات العصور الوسطى (المظلمة) في أوروبا وآسيا من حيث التواصل والتعايش(النبلاء والعبيد)، (البرجوازية والبلوريتاريا)، (الأرستقراطية والعامة)، بالرغم من وجود الصُحف والتلفاز والإذاعة، إلا أن عناصر الطبقة الأرستقراطية دائماً ما تظهر متحفظة  اللسان مُحنَّطة الكيان، تحفظ وتردد العبارات العامة التي يشترك فيها جملة أعضاء تلك الطبقة، فلا تكاد تميز العالم من المتعالم، والجدير من الأجير، حتى جاء عصر (تويتر) فأضحينا قريبين بعد صبح التباعد، وأمسينا نسبر ثقافة بعضهم وندرك جهل البعض، ومن كان في منصبه مُفيد ممن كان هدفه أن يستفيد ...إلى آخر عناصر التفاضل الواضحة، وأقرب مثال على ما ذكرته هو وزير سابق للتربية والتعليم قد أمضى على سنام الوزراة عِقد من الزمن، وهو الآن ينظم على صفحات (تويتر) أجمل العبارات وأبلغ الحِكم، إلى درجة تجعلك تتمنّى أن يُكثر الله أمثال هذا الأديب الحصيف؛ ليشغل قيادة وإدارة المرافق التعليمية التي أجمع المجتمع بجميع طبقاته على تواضع مخرجاته التربوية والتعليمية، ومع التغريدات المسبوكة التي يعصف بها قلم معاليه وعطفاً على ثقافة (بعض القيادات التربوية في الوزارة) فإنك لا تجد مناص عن تمنِّي عودة أمثاله للتربية والتعليم.. ولكن!
ولكن مهلاً .. هل سرق سحر البيان منّي الذاكرة ؟!
لقد أمضى د. محمد الرشيد في وزراة التربية والتعليم عِقد من الزمن كان كافياً للتنظير، والتخطيط، والتنفيذ، والإشراف، والتقييم، والتقويم...إلى غير ذلك من خطوات العمل الإداري القريب والمتوسط والبعيد المدى! ومن يقرأ لمعاليه مقالاً يُدرك أنه منظِّر متخصص في الأدب، لكن الذاكرة لا تسعفني لأتذكر شيء من إنجازات معالي الوزير الأديب!
هل كان لمعاليه إنجازات ملحوظة على مستوى التعليم العام تربوياً وعلمياً؟
أم أن إنجازاته لم تتجاوز التطويرالإداري داخل أروقة الوزارة؟
أنا على يقين باستحالة مرور مثل معاليه على الوزراة دون أن يترك أثراً إيجابي!
لكنني لا أذكر من انجازاته إلا (مثلبة) إدخال مادة الوطنية التي من مواضيعها (العرضة السعودية)!، وتصريحه الشهير بمحاربة الترديد الببغائي!
فلا أرضً قطع، ولا ظهراً أبقى
هل تذكرون شيء من إنجازات معالي الوزير الأديب؟!
نبئوني بعلم إن كنتم صادقين.

لماذا ننشئ المدونات ؟

كثيرة هي الخواطر التي تمرَّ في عقل الإنسان، وفيها المفيد الذي يستحق التدوين والحفظ
وفي ذلك يقول الشاعر:
العــلم صيــدٌ والكتابـة قيـــده -- قيِّد صيودك بالحبال الواثقة.
فمن الحماقة أن تصيد غزالة --  وتتركها بين البريَّة طالقة.

والمتتبع لأحوال العباقرة والأفذاذ يجد أن حرصهم على توثيق الخاطرة والمعلومة يصل إلى درجة القيام من الفراش وإشعال السراج ثم تدوين الخاطرة ثم إطفاء السراج والعودة للنوم، بل يتكرر ذلك من أحدهم إلى عشرين مرَّة كما أُثر عن البخاري إمام الحديث وعن ابن حنبل إمام السنَّة في عصره,
والشاعر يقول:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم --  إن التشبَّه بالكرام فلاحُ.

والخاطرة مصدرها العقل، والعقل مكوَّن من خلايا إما نشطة أو خاملة، وغالب الخلايا الخاملة تنشط بالعصف الذهنـي (BrainStorm) الذي يولّد الأفكار المجنونة أحياناً والخلّاقة أحياناً أخرى، ولإن كان من مقتضيات العصف الذهني في العمل الإداري أن يجتمع الأطراف، فإن برنامج (تويتر) قد هيَّأ البيئة الخصبة لتوالد الخواطر وتنوع آفاقها بتنوع الطرح الذي نقرأه بأقلام مختلفة وعقليات متعددة المشارب, الأمر الذي دفعني إلى إنشاء هذه المدوَّنة لتوثيق ما أراهـ مفيد ... وبالله التوفيق