الجمعة، 11 مايو 2012

كيف يخرج العَفَن من صلب الكِرام


قَبل عِقدين من الزمان كُنا نعجب لموشحات الشاعر العراقي أحمد مطر جرأة وبديع نظم حينما قال:

بالتمادي..

يصبح اللص رئيساً للنوادي

وبأمريكا رئيساً للعصابات وأوكار الفسادِ

وبأوطاني التي من شرعها قطع الأيادي

يصبح اللص رئيسا للبلادي.

................... ونحن نقول لأحمد مطر، رحم الله لصوص المال، فقد رأينا الإلحاد عين اليقين، بعد أن كنّا نسمع عنه في بطون كتب التاريخ.. ولا حول ولا قوَّة إلا بالله

يا إلــهي..

يا ملاذي واعتمادي.

كيف أضحى البعض فيهم وقحاً حد التمادي.

بدأوا في الطعن في المنقول عن خير العبادي.

صنّفوا فيهِ وقالوا: مثل هذا القول وحشيُّ مُعادي.

إنهم أمِنوا بتعطيل حدود الله فيهم.. ثم زادوا في العنادي.

...

يا تُرى كيف يُعالَجْ كل من بالدين ألحد؟

لا يُعالِج قُبح تلك العصبة الرعناء إلا دين أحمد

يا.. إلهي.. أين من يحمي حما التوحيد يُرعد ثم يُزبد

ثم يضربْ عامداً بالسيف صلتاً .. ليس فيه من تَرَدُّد

...

يا ولي الأمر فينا .. طالنا الضُر فأوقد

جذوة الدين بدت تخبوا .. فمن للدين يوقد

أصبح الصدر كما المِرجَل فالنار توقَّد

أنزل الإحكام فيهم ..إنه شرع محمَّد

...

ولن تقوم قائمة لأحد في بلاد الحرمين إذا كان لا يقوم على تطبيق شرع محمد صلى الله عليه وسلم ويرعى حدوده.

أتساءل كيف يوضع السؤال في غير موضعه..

كيف يتساءل الناس عن خروج الزندقة من صُلب أعمدة التوحيد مثل خروج "الناب العفن" والزنديقة " من صلب الشيخ محمد بن عبدالوهاب، لماذا يستكثر الناس ذلك؟!!

أوليس إبن نوح كافر، وأبوابراهيم كافر، وعم محمد كافر – على أنبياء الله الصلاة والسلام- فليس في ذلك عجب!

أحْسَبُ البعض يقرأ كلمة (كافر) وهو مستنكر لهذا السياق .. –لا عجب – فقد غسل إعلامهم عقولنا حتى استبدلنا المصطلح الشرعي الوارد في كتاب الله، بمصطلح وضعي انبطاعي .. فصرنا نسمي الكافر (بالآخر).

كُثر العَجَبُ في أمِّة محمد صلى الله عليه وسلم، حتى لم يَعُد يعرف الناس علامة التعجب (!) على كثرة تكرار كتابتها.

الخميس، 3 مايو 2012

مُفكروا عصور الظلام..ومهرطقي بني يَعرُب


ما إن يأتي الحديث عن عصور الظلام والانحطاط، إلا وتتجه البوصلة مباشرة إلى أوروبا في عصورها الوسطى (عصور الظلام) بحسب ما يذكره المؤرخون الأوربيون أنفسهم، حيث تواطأت فيها الكنائس مع الملوك، وتشكلت كل مظاهر الفساد المالي والاجتماعي من إقطاع وثراء فاحش للطبقة الأرستقراطية في سابقة لم يشهد لها التاريخ مثيل، والأدهى أن ذلك كان باسم (الرب) – بحسب تعبيرهم- يقابل ذلك فقر مدقع واستعباد للعامة، وبيع صكوك الغفران، وإصدار صكوك الحرمان، وإباحة "التخلية" أي التخلي عن أحكام الدين إذا رأت الكنيسة تحقيق مصلحة ظاهرة بحسب رجال الكهنوت الذين يمثلون لاهوت المسيح (بزعمهم) في الأرض إلى حين عودته، والحكم بزندقة المخترعين وتصفيتهم جسديَّاً، إلى غير ذلك مما تفيض به مدونات المؤرخين عن تلك الحقبة الزمنية المظلمة التي وصل عامة الناس فيها إلى درجة من الاحتقان جعلتهم يتلمسون السُبل للإنعتاق من ربقة الإستعباد، فضلاً عن المفكرين والمخترعين الذين حالت الكنيسة دون خروج أفكارهم للنور.
فكيف كانت ردود أفعال المفكرين والعامة؟
نتج عن هذا الاستبداد والطغيان الكنسي أن خرج من المفكرين من كَفَرَ بالكنيسة وبرب الكنيسة، وذهب يبحث عن إلهـ غير إلهـ الكنيسة؛ فظهر الإلحاد بتأليه الطبيعة وعبادتها، فالطبيعة هادئة وجميلة ولا تبطش ولا تُعذِّب بالسلاسل كما تفعل الكنيسة باسم إلـــهها، والطبيعة ليس لها رجال دين ولا كِتَابٌ مقدّس متناقض، ولا تُحرِّم على الناس التفكير والإبداع والاختراع إلى غير ذلك من مظاهر الحريِّة المفقودة المنشودة، ومن أولئك المفكرين دعاة عبادة الطبيعة (روسو، فولتير، ديدرو، كومت، برنتن...) على اختلاف وتباين في رؤاهم، وسُمِّيت تلك الحقبة التي أعقبت ظلام الكنيسة بعصر "التنوير".
نأخذ مثالاً على أحد الملحدين (فولتير)؟.
كان فولتير "الملحد بنظر الكنيسة" أهدى سبيلا من رجال الكنيسة حينما استهجن فكرة عقيدة التثليث وتجسيم الآلهة وأتهمهم بتحريف الدين ابتداءاً من "بولس" الذي طمس المسيحية وحرّفها، وشنَّع المفكِّر فولتير فكرة "الخطيئة الأولى" واعتبرها إهانة للإله إذ كيف يُعَذّب الأجيال لأن أباهم الأول أكل من الشجرة، ثم انتقد فكرة (الخلاص) بقتل الإله لابنه... وغير ذلك من ضروب النقد الموضوعي الذي جعل الكنيسة تُكفّره وتدعوه بالزنديق، وكان يدعوا للفكر الحُر وهو يستحضر اختراعات (جليلو، ونيوتن،... وغيرهم ) الذين قتلت الكنيسة بعضهم واعتقلت البعض وشرَّدت البعض...الخ
مقارنة بين فولتير ومهرطقيّ بني يعرب.
تَعْجَبُ أن الملحدين الذين خرجوا عن تعاليم الكنيسة كان بعضهم يدعو ضمناً إلى عقيدة التوحيد بإسقاط منطقية "التثليث"، ويحقق قول الله (ولا تزر وازرة وزر أخرى) بتشنيع فكرة "الخطيئة الأولى"، إلى غير ذلك من ردود الأفعال العقلانية المنطقية التي كانت تسمو بالعقل عن الشرك وتقوده إلى التوحيد، ولطالما سمعنا مؤخراً عن بعض ملحديّ الغرب الذين ارتضوا الإسلام ديناً بسبب موافقة الإسلام للعقل – بحسب تعبيرهم – أمثال المفكر الفرنسي"روجيه جارودي"، وعالِم الرياضيان "جيفري لانغ"، وعالم الأجنَّة "كيث مور" ... وغيرهم من العلماء والمفكرين.
وعطفاً على ما سبق؛ نُدرك أن الإلحاد في أوروبا جاء كردَّة فعل لانحراف الكنيسة عن الفطرة وعن العقل بتحريف كُتب موسى وعيسى عليهم السلام... فما بال مُهرطقيّ بني يَعُرب؟
- هل فيهم أو منهم عالم أو مخترع أو مفكِّر ملأت كتبه الآفاق، وتداول العالم أفكاره؟
- هل فيهم طبيب متخصص في دقائق فسيولوجيا أجهزة الأجسام الحيوية؟
- هل فيهم فلكيَّ مكتشف لقانونٍ جديد يسبر حركة الكواكب والمجرات؟
- أم أن إلحاد بني يَعرب أضحى كالموضة وسبيلاً للشهرة وخضوع لأجندة مشبوهة؟!
 أيّاً كان السبب الظاهر، فالسبب الرئيس هو الجهل المركَّب، الذي يجهل الجاهل أنه جاهل، ولو سألت أحدهم عن جملة "قطعيّ الثبوت قطعيّ الدلالة" ما أحسن لها جواب.
خاتمة:
قال أعرابيّ ليس ذو علمٍ ولا اختراعات: (البعرة تدل على البعير ، والأثر يدل على المسير ...
أفسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، وبحار ذات أمواج ، ألا يدل ذلك على اللطيف الخبير؟!).
بلا والله.
آمنت بالله .. مقلِّب القلوب والأبصار، وأسأله أن يثبِّتنا على دينه.